ضمن سلسلة منتديات “الشخصية السودانية” التي يتبناها مركز راشد دياب للفنون منذ بدايات هذا العام 2018م، بوصفها واحداً من المحاور الأساسية التي تبحث عن مكنونات ومكونات الشخصية السودانية ومعرفتها، استضاف المركز وبرعاية شركة سكر كنانة المحدودة كل من البروفيسور أحمد الياس حسين والباحث عبدالله شم للحديث عن “الأصول والبنية” فيما أدار الجلسة الدكتور راشد دياب، وذلك وسط حضور كبير من المهتمين.
في البداية، تطرق الدكتور راشد دياب إلى أصول الشخصية السودانية، فقال: “إن الملكات هي التى تتحكم فى تكوين الشخصية”، وأضاف: “أن البنية هي التي تؤدي إلى حالة التواصل بين هذه الأصول”، وطرح الدكتور راشد دياب مجموعة من الأسئلة، أهمها: هل هذة البنية تراكمية أم هنالك انقطاع؟
وتعرض في أثناء حديثه لمجموعة من الشخصيات، منها -حسب رؤيه راشد- أن هنالك شخصية اجتماعية تهتم بالجانب الاجتماعي، وشخصية مختلفة، وشخصية إبداعية ويكمن دورها فى حركة التغيير من منظور ثقافي، وشخصية توقعية، وهي الشخصية التي ترتبط بالمفهوم المستقبلي للإنسان، وطالب الدكتور راشد بالوقوف عند الشخصية السودانية، ومراجعة مكنوناتها من زوايا هذا التعدد؛ لافتاً إلى أن الشخصية السودانية لا تقبل النقد.
وأكد البروفيسور أحمد الياس تميز الشخصية السودانية فى مناح كثيرة جداً، وربط الحديث عن الشخصية السودانية بضرورة استصحاب التاريخ، وقال: “هل هنالك مقياس واحد يمكن وضعة للحديث عن الشخصية السودانية فى بيئاتها المختلفة فى الشمال والشرق والغرب والجنوب”، مؤكداً أن هذه المكونات ترجع إلى أسس وأصول مشتركة كثيرة جاءت عبر نتائج وأبحاث علمية، لافتاً إلى وجود عامل واحد مشترك مع اختلاف فى السمات.
وركز البروفيسور أحمد الياس فى حديثة على قضايا البنية، وأشار الى ان المناهج التعليمية أدت دوراً سالباً فى تكوين الشخصية السودانية، وذكر أن هنالك قصوراً في هذه المناهج، وأرجعه إلى سوء التخطيط، إلى جانب قصور دور الأسرة.
وخلص البروفيسور أحمد الياس إلى أن التربية هي الأساس في تكوين بنية الشخصية السودانية، وطالب فى نهاية حديثه إلى النظر في كيفية خلق شخصية سودانية سوية فاعلة في المجتمع.
وتطرق الباحث عبدالله شم إلى الحديث عن الشخصية السودانية من منظور ثقافي، واستند فى حديثة إلى مرجعيات تاريخية ترجع إلى الحضارة المروية القديمة قبل الميلاد، وربط معرفة الشخصية السودانية بضرورة النظر إلى ثقافتها أولاً، وأكد بوجود سمات مميزة لدى الشخصية السودانية أبرزها قبولها للآخر، ولكنه يرى أن هنالك تناقضاً غريباً طال هذه الشخصية، مشيراً الى التجمعات الثقافية التى أدت بدورها إلى التقسيم القبلي، الى جانب خطاب القبيلة نفسه الذى نادت به عبر التراكمات الثقافية، فقالك “إن هذه السلبيات أدت إلى خلق شخصية سودانية غير قابلة للنقد”.
وقارن عبدالله شم بين الشخصية السودانية في الماضي والشخصية السودانية اليوم وناشد بضرورة تحديد مشكلات الشخصية السودانية أولاً ثم الوصول إلى الحلول.
وفى التعقيب ركز صلاح العاقب في مفاهيم يرى أن هنالك حالة انقطاع تاريخى للشخصية السودانية، وربط الحديث عنها بضرورة الرجوع الى معرفة عمقها.
وركز راشد خير في مداخلته في نقطتين أساسيتين، هما: الثقة بالنفس والإرادة، ويرى أن السودان هو أصل الحضارة الإنسانية، لافتاً إلى أن الاستعمار المعرفي الذي تعرض له السودان في حِقب مختلفة أدى إلى إاتزاز ثقة الشخصية السودانية بنفسها، الأمر الذي ترتب عليه مشكلات كثيرة إلى درجة أوصلت السودان بأن يكون جزءاً من منظومة مشكلات العالم، وطالب راشد بأهمية العودة إلى الجذور.
التومات
وتحدث وليد أبو زيد عن المناهج التربوية في المدارس السودانية، ويرى أنها السبب الأساسي في ضعف بنية الشخصية السودانية، والتراجع عن أصولها المركزية، والذي بدوره أدى إلى ضعف الوعي، وقال: “إن المناهج في ضعفها وفقرها حورت جانباً أساسياً من تاريخ السودان الأصيل”، وناشد وليد في ختام حديثه بأهمية إعادة صوغ منهج دراسي تربوي من قِبل أساتذة مختصين يراعي القيم الفاضلة، ومن ثم ضرورة إعادة تصحيح كتابة تاريخ السودان للأجيال المقبلة.
وأكد مهند على غياب تاريخ السودان في المدارس السودانية، وأشار إلى أن المناهج الدراسية أدت دوراً كبيراً في تغييب الوعي بحقيقة، وذات الشخصية السودانية وعمقها، وبالتالي معرفة تاريخها الأصيل.
وختمت الأمسية بفاصل غنائي قدمته تومات مدني وجد تجاوباً كبيراً من جمهور المركز.