في ذكرى مولدك يا رسول الله يزدان السماء بنفحات الخير والجمال وتنداح في الأرض فيوض البركات. تتجلى محبتك على الوجوه المشرقة الذاكرة، وتعانق المآذن البهية فضاءات الرضا والغفران.
كل بهارج الدنيا والضياء الساطع من الأنجم والمجرات البعيدة، وكل قصائد المادحين وتهليل الذاكرين وهدير الطبول، كلها تزحم الأفق بالشوق إليك يا حبيبنا يا رسول الله، فتنثر اللحظات المورقة بعبق الذكرى ونداوة الدعاء.
في ذكرى مولدك، تسكن في جوف الليل بهجة التمني بالقربي من حوض الشفاعة تحت لوائك، وتهيم الأرواح المؤمنة في طيوف العشق والابتهال، وتتوهج الدعوات الصادقة في قلوب المؤمنين الذاكرين، فتضئ مسالك التوبة وترشد القوافل الراحلة إلى مدارج الهدى والإيمان، فتلوح مطالع الغفران لأهل الخطايا والمعاصي.
يا خير من وطأت أقدامه الثرى وتجلت له البشريات فوق حجب الغيب، ما أحوج الناس لهديك في أزمنة الظلم والضياع والمنايا الصادحة بلحون الأسى. ما أحوجهم لهديك وقد تفرقت بهم السبل وشغلتهم النزوات النهمة والمتع العارضة، وأغرقتهم أوحال الضلال وتربصت بهم الأكدار!
في ذكرى مولدك توشى أفق الرجاء بالرضا والعفو، وتدفقت نفحات الخير على صفحة الليالي المبتهجة، وتعالى النشيج في حضرة الدعوات الفارهة. تشابكت تسابيح العاشقين، وحلقت الآمال الطامحة للعفو والمغفرة فوق هالات السني والضياء.
يا نبي الرحمة، تبارى الشعراء في مدحك بالخُرّد الحسان، وتبرجت القوافي في حضرة الذكرى برقيق المعاني، ولاحت من بين القصائد همزية عصماء:
لي في مديحك يا رسول عرائس تيمن فيك وشاقهن جلاء
هن الحسان فإن قبلت تكرما فمهورهن شفاعة حسناء
ما جئت بابك مادحا بل داعيا ومن المديح تضرع ورجاء!
في ليلة مولدك يا رسول الله تأخذنا الذكرى للأحباب الراحلين رعى الله أزمانهم، وللأحباب الذاكرين نضر الله وجوههم، وهم يطالعون سيرتك العطرة ويتداولون فصولها بينهم وينشدون الأماديح في وصف ذاتك وصفاتك لآخر الليل حتى يقول قائلهم:
وأختم قولي بالصلاة معظما
فيا ربنا صلي وبارك وسلما
على المصطفي والآل والصحب دائما
صلاة تفوق المسك عطرا مفخما
يطيب بها كل الوجود ويتلألأ!