في مفاجأة ظهر رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك كأنه يحرج قوى اعلان الحرية والتغيير حين قال في لقائه بالجالية السودانية بالسعودية إنه لم يستلم حتى الآن برنامج العمل من قحت لكي ينفذه، و ذكر حمدوك أن كل الذي تم تنفيذه في الفترة الماضية كان ( بتصرف) منه و من طاقمه الوزاري بالاستناد إلى نصوص الوثيقة الدستورية وإعلان قوى الحرية والتغيير.
يبدو أن الظروف التي تواجهها حكومة حمدوك والهجمات الضارية من الدولة العميقة ثم أخيراً من الثوار أنفسهم والذين يترقبون قرارات ثورية تشفي غليلهم، هي التي دفعت حمدوك إلى هذا التصريح ، ليتقي غضبة الجماهير التي تترقب تغييراً سريعاً وحاسماً لم تراه بعد رغم مضي الشهر على حكومة حمدوك.
ما قاله حمدوك يستوجب رداً فورياً من قحت وأمام الراي العام حول برنامجها، وهل تملك هذا البرنامج أم لا، ومتى سوف تسلمه لرئيس مجلس الوزراء و ما هي أسباب التاخير؟ فإن كان لديها هذا البرنامج فعليها أن تنشره فوراً للراي العام و تسلمه في أسرع فرصة ممكنة لرئيس الوزراء، و تخلي طرفها من هذا الأمر الذي وضعها في موقف لا تحسد عليه أمام الجماهير.
كما ينبغي أن يمارس السيد رئيس مجلس الوزراء كثيراً من الدبلوماسية حين يتحدث عن شركائه في قوى إعلان الحرية و التغيير، و أن يسعى جاهداً إلى الحفاظ على الانسجام بين مكونات الفترة الانتقالية فهذه المهمة لا تقل أهمية عن قيمة وجود برنامج، إذ إن الخلافات و ترصد الهنات من الآخرين وإعلانها على الملأ سوف يوسع الشقة بين الشركاء وسيجعل حتى وجود البرنامج المقنع والقوى بلا فائدة.
أتوقع أن حمدوك يعلم التعقيدات التي تعاني منها قحت، فهي جسم بداخله عشرات الأحزاب السياسية وعشرات الاجسام النقابية وعدد من منظمات المجتمع المدني ، وهو يعلم أن بين هذه المكونات كثير من الاختلافات حول برنامج الدولة وبين بعضها خلافات عميقة و منهجية، لذلك عملية التوافق بين هذه الاجسام على برنامج حكومي ليس بالأمر السهل و قد يأخذ وقت ، لا أريد سوق المبررات هنا لقحت، و لكني أريد أن أعرض الواقع الذي يجب أن يأخذه حمدوك و الجميع في الحسبان، واقع ان الحكومة الانتقالية لا تحتمل الخلافات ولا الضربات تحت الحزام وأن نجاحها رهين الانسجام و التوافق، وإذا استدعى التوافق البطء أحياناً للوصول إليه فهو خير من القرار السريع المختلف عليه.
sondy25@gmail.com