إذا كانت هذه الدنيا ما زالت تحوي حادبين على القيَّم والأخلاقيات ، لظهر لنا من يستنكر ويشجُب ويستغرب أن تحوم شبهات الفساد الإداري والمالي حول مؤسسة أو جمعية تحمل إسم (القرآن الكريم) ، وذلك بالطبع قبل أن يستنكر أو يعلن بكائياته على توقف إذاعتها القرآنية لمدة محدودة بأمر قانون المراجعة والرقابة على المال العام ، وهل لا تستحق إذاعة القرآن الكريم أن (يُطهَّر) لها ما حولها من أدوات ومصادر وشخوص ليكونوا في مقام قداسة ما يُتلى من آيات الله ، و بذلك نكون قد أخرجنا ما كان في جمعية القرآن الكريم من دائرة المثل القرآني (كالحمار يحملُ أسفاراً) ، من وجهة نظري الشخصية أن تطهير وتقويم جمعية القرآنية وإخراجها من شُبهات الفساد هو بابٌ من أبواب تطبيق (روح) القرآن في تعاليمه ومبادئه وقيَّمه التي لا يُشكِّك فيها عاقِل ، أما أن يتناسى المتباكون عمداً ولشيءٍ في نفس يعقوب (محاسن وإيجابيات) محاربة الفساد وتقويم وتقييم أعمال الجمعية ، ليشعلوا عواطف الناس بأن قوى التغيير تهدف لإسكات صوت القرآن ويشيرون إلى ذلك بلا بضمير وكأنه الغاية الأساسية من إستهداف جمعية القرآن بالمراجعة ، فذلك لعمري ليس إلا زوراً وبُهتاناً وإصطياداً في ماءٍ عكِر.
المقابلة التي أجرتها قناة الجزيرة مع الشيخ / عبد الحي يوسف حول القضايا التي إرتبطت في الآونة الأخيرة بإسمه وأصبحت من العناوين التي تشد إنتباه الرأي العام ، وبغض النظر عن الخوض في تفاصيلها ، أراها أيي المُقابلة قد أثبتت تماماً ما كان يتداوله نُقاد عبد الحي في كونهِ لم يكن (نزيهاً) و(حاسماً) و(مُتحمِّساً) في مجال الجهر بالعيوب والأخطاء والتجاوزات الكيزانية التي عمت البلاد بمثل ما يفعلهُ الآن تجاه حكومة الثورة ، إن سِمة التحيُّز التي بات لا يخفيها عبد الحي ويحاول تمريرها شأنه شأن فلول النظام البائد بإسم الدين والغيرة على الإسلام هي في الحقيقة الدليل الأول والأخير الذي يثبت (إنتماء) الرجل إلى نظام الإستبداد والفساد والظلم على المستويين الشكلي والجوهري ، وسيظل الرجل بلا جدوى يحاوِّل أن يلعب دور الداعية (غير المنحاز) ولكن تاريخ علاقاته المتوطِّدة والمترامية في تشابك مصالحها مع النظام السابق يصبح على الدوام علامة إستفهام كُبرى تُتيح للكثيرين عبر الدلائل والوقائع أو بدونهما إتهامهُ بالتواطؤ على الشعب السوداني قبل الثورة وبعد الثورة ، على عبد الحي يوسف أن يعترف بما إقترفت يداه في حق السودان والشعب السوداني عبر إرتباطاته المصلحية الوثيقة بالنظام البائد ورموزه وقياداته ، ثم عليه أن يندم على ذلك وينفض يديه عن فِرية أن هذه الثورة ومؤسساتها تحارب الدين وتسعى إلى دحرهِ ، ثم وقبل هذا وذاك عليه أن يُثبت براءته المالية مما إتهم به عبر أقوال الرئيس المخلوع إبان محاكمته الأحيرة في المؤسسات التي يمكلكها أو يديرها أو (يستغفر) ويعيد الحقوق إلى أهلها.