الدولة العميقة كانت تمارس ممانعتها لسقوط دولتها بطرق خجولة في بداية الأمر مثل بكائيات الصحفي حسين خوجلي التي يوزعها ليل نهار على كل قروبات الفيسبوك و الواتس اب و لا تجد لها رواج ، ثم طلاسم صحفي الانقاذ اسحق فضل الله التي لا يعرف لها ( كوع من بوع ) بعد أن فقد الرجل مصادره و أصبح مجرد ناشط يحمله بعض المنتفعين في مسيرة الزحف الاخضر على الإعناق ،
فلا اشرئبت اعناقهم و لا اضاف لها المحمول سوى المزيد من الخيبة و اليأس و الاحباط ، ثم تطور الرفض إلى مسيرة الزحف الاخضر في الخرطوم و التي انتهت بسلام ، ثم وصلت المسيرات إلى مرحلة زحف مدني و الذي أصاب فيه بعض أنصار الدولة العميقة مواطنين ابرياء بالرصاص ، ثم وصل الرفض مرحلة إطلاق عصابات النقرز في الأحياء و ترويع المواطنين ، و جميع هذه الممارسات لم تجدي في فك سيطرة الثورة و تماسكهم فوصلت فنون الدولة العميقة مرحلة تمرد هيئة العمليات بجهاز الأمن و هي مرحلة متطورة جدا و تكشف ان حيل و ألاعيب و عقبات الدولة العميقة مازالت متواصلة ، و إنها في كل مرة تزداد قوة و هذا يجعلنا نتوقع أن تكون المرة القادمة انقلابا مكتملا و هو ما يوجب الانتباه و الحذر الشديد من الحكومة الانتقالية و الثوار .
مرحلة ما بعد تمرد هيئة العمليات يجب أن تتميز بسرعة العمل على إنجاز الملفات الأكثر حساسية و هي تعيين الولاة و تعيين المجلس التشريعي ، لا يهم بعد تمرد الأمن النظر عميقا في أولويات تعيين الولاة من حيث تجنب المحاصصات مثلا او التشدد في اختيار المعايير الصارمة ، بل يجب الاكتفاء بالتوافق العام بين قوى اعلان الحرية و التغيير بالولاية و المركز و الحكومة التنفيذية ، و الأمر ينطبق ايضا على المجلس التشريعي .
عضو المجلس السيادي محمد حسن التعايشي ذكر ان السلام لا علاقة له بتعيين الولاة و هذا تصريح مهم رغم انه مصادم لمطالب الجبهة الثورية ، إلا أنه قول منطقي لجهة ان تأخير الولاة لا يجب أن يربط بالسلام ، فاتفاق جوبا كان ينص على توقيع اتفاق السلام في منتصف ديسمبر ، و الآن منتصف يناير و مازال الجميع ينتظر التوقيع و هناك مسارات عديدة لم تفتح بعد لاكمال عملية سلام شامل ، لذلك يجب المرور مباشرة نحو تعيين الولاة و بعد توقيع اتفاقية السلام الشاملة مع كل الأطراف يجب إعادة تشكيل السلطة بالطريقة التي تخدم قضيةالسلام و خاصة في الولايات المتأثرة بالحرب .
السودان لم يعد هو ما كان قبل تمرد هيئة العمليات ، فهذا التمرد فتح الباب لتمرد كل جماعة و بالسلاح ، و هذا يزيد من ضرورة الحسم في تفكيك التمكين و خاصة العسكري و بمساعدة الجناح المدني للثورة ، مع السرعة في إنجاز الملفات العالقة و تكوين المؤسسات الكاملة للدولة لكي تعمل الحكومة الانتقالية بكل طاقتها في محاربة الدولة العميقة و تحقيق معاش الناس و تحسين الاقتصاد.
sondy25@gmail.com