بعد قرابة السنة من أطاحة الشعب السوداني بنظام الدكتاتور عمر البشير بثورة عظيمة ، ما يزال الرئيس الأمريكي ترامب مصرا على أن يدفع هذا الشعب المجيد فاتورة نظام الانقاذ الإرهابية و ذلك بإطلاقه قانونا يحرم السودانيين من قرعة الهجرة الأمريكية( اللوتري ) لهذا العام ، و كأن أمريكا ترامب تريد ان تقول للشعب السوداني وللعالم أجمع بأن النظام الذي يحكم السودان الآن هو ذات النظام الاسلاموي الدموي الارهابي الذي احتضن بن لادن و الظواهري و غيرهما !!!! و هذا بكل تأكيد غير صحيح .
يبدو ان ثمة مشكلة في قناة او نوعية المعلومات التي تصل الرئيس الأمريكي عن الوضع في السودان ، اذ لا يمكن ابدا ان يكون موقف أمريكا المشهورة بأنها رائدة الديمقراطية العالمية و النموذج العالمي لدعم الديمقراطيات الوليدة مصادما بهذه الطريقة لديمقراطية وليدة تتلمس خطاها في أفريقيا عبر ثورة سودانية خالصة قدم فيها الشعب السوداني تضحيات جماهيرية عظيمة حبس العالم أنفاسه و هو يتابعها عبر أكثر من خمسة شهور .
فالمعلومات الحقيقية التي يجب أن تصل هي ان نظام الاسلامويين الإرهابي قد سقط ، وان الدكتاتور البشير و عتاة الإسلاميين في السجون يواجهون محاكما ضخمة ، وأن السلام تمضي خطواته بصورة حثيثة ، وأن الحريات بما فيها الحريات الدينية و حرية المرأة تزداد باضطراد وبصورة غير مسبوقة في التاريخ السوداني ، وأن الديمقراطية كنظام حكم هي المفضلة لدى الجماهير بعد إنجاز فترة انتقالية تمهد لانتخابات عامة بتحقيق السلام ووضع الدستور وقانون الانتخابات وإصلاح الأجهزة القومية المدنية والعسكرية وإصلاح الوضع الاقتصادي . هذه هي المعلومات التي تصور الوضع الحقيقي على الارض في السودان ، لو اريد للمعلومات الحقيقية ان تصل للإدارة الأمريكية.
ولكن يبدو أن المعلومات العكسية هي التي تصل و غالبا تتمحور حول تصوير رئاسة البرهان لمجلس السيادة بان الجيش مازال مسيطرا ، هذا مع ايراد حديث عن ان الجيش مؤدلج اسلامويا ، وتصوير حال الأجهزة الأمنية بأنها مازالت كما هي لم تحل ، و تصوير وجود حكام ولايات عسكر بأن الولايات مازالت تحت حكم العساكر ، هذا مع تصوير الفراغ التشريعي من خلال التاكيد بان المجلس التشريعي لم يشكل حتى الآن ، قد تكون هذه هي المعلومات المنقولة عن الوضع السياسي في السودان و التي بناءا عليها أصدر ترامب قراره ، وهي معلومات مضللة ومزيفة لا تصور واقع الحال، فالبرهان رئيسا لمجلس السيادة لفترة ويعقبه احد المدنيين ، والأجهزة الأمنية لم تعد سوى جهاز جمع معلومات ، بينما الولاة المدنيين في الطريق و كذلك تشكيل المجلس التشريعي ، والبطء الذي لازم إنجاز هذه الملفات ليس لأن النظام السابق متحكم في البلاد ، وإنما لأن التعقيدات كثيرة جدا وتجربة الحكم حديثة عند معظم القيادة في صف الحكومة التنفيذية الأول، هذا مع وجود طيف حاضن عريض للحكومة الانتقالية يمثله الثوار وقوى الحرية و التغيير و لكل راي ، وهذا ما يجعل الأمور بطيئة و لكنها حتما لا تحمل في داخلها اي إعادة لممارسات او مشروع نظام السفاح البشير ، وبالتالي المطلوب هو أن تقدم الحكومة الأمريكية مواقف مشجعة للحكومة الانتقالية وليس مواقف محبطة ترسل رسائل عالمية بأن السودان مازال بؤرة إرهاب.
من حق أمريكا ان تحافظ على أمنها القومي ، فهو اهم واجبات كل حكومة تجاه مواطنيها، و من حق السودان كذلك أن يوضح للعالم اجمع بأن الرسائل التي ارسلها قرار الرئيس الامريكي ترامب بحرمان السودانيين من قرعة الهجرة بحجة الحفاظ على امن امريكا هي رسائل خاطئة تماما ، فالسودان قد تحرر من ربقة الحكم الشمولي الاسلاموي الارهابي و انطلق في ركاب الديمقراطية و الحرية و السلام ، و لن يتراجع مجددا سواء وقفت معه او ضده أمريكا ترامب .
sondy25@gmail.com