مخجل فعلا وصول أسعار السلع في ظل حكومة الثورة أرقاما فلكية ، تفوق ما كانت عليه في أيام المخلوع ، اذا لم تكن الحكومة وحاضنتها السياسية ( قحت ) تعلم ، فإن طلاب عطبرة الذين فجروا هذه الثورة خرجوا ضد غلاء سعر الخبز في مدرستهم ، ثم تبعتهم جماهير عطبرة وتطور الأمر حتى تم حرق دار المؤتمر الوطني ، وانطلقت من لحظتها الشرارة التي أطاحت بالمخلوع .
رغم وجود جرائم الفساد والمحسوبية وجرائم القتل خارج القانون والظلم والجبروت في ظل نظام المخلوع ، ولكن تبقى الحقيقة أن الضائقة الاقتصادية هي قمة جبل الجليد الذي فجر الثورة ، هذه الحقيقة يجب أن تعيها حكومة الثورة وحاضنتها قوى الحرية و التغيير، عليهم أن يعلموا ان المناصب وقيادة الشعب والدولة ليست شيكا على بياض وليست هدية مجانية من الجماهير ، وإنما مسؤلية جسيمة ستحاسبهم عليها الجماهير حسابا عسيرا ، فإما ان يقوموا بها على أكمل وجه او فليغادروا ويتركوا الشعب يختار من يحكمه .
نعلم أن هناك تحديات تواجه الحكومة الانتقالية ، ولكنها طبيعة الحكم ، في أي مكان في العالم تواجه الحكومات التحديات ، بل ما وظيفة الحكومات الا تقليل مخاطر التحديات التي تواجه الشعب ، وأول هذه التحديات هي الغلاء ، المواطن يمكنه أن يتحمل كل شيء إلا الغلاء . الفقر في بلادنا يتخطى ٨٠% من السكان ، أي ارتفاع في أسعار السلع ولو بجنيه واحدة تؤثر بصورة مباشرة على هذه النسبة ، فما بالك بالزيادات التي بلغت آلاف الجنيهات !!!
اعتمدت الحكومة على المنح والقروض ، السعودية والإمارات وفرتا ٣ مليار دولار ، تم فعليا وصول مليار ونصف ، ولكن تيارات متعددة داخل قوى الحرية و التغيير اتهمت الدولتين باتهامات حمقاء لا تدل الا على أن هؤلاء البشر لا يملكون في السياسة والدبلوماسية شرو نقير ، يظنون أن ( الحلاقيم ) الطويلة التي يملكونها سوف تعوض شعب السودان عن هذه المليارات وهي مجرد حلاقيم لو بيعت في سوق ( ام دفسو ) لما جاءت بمليم واحد . المانحين الآخرين أرادوا المساهمة وقدم لهم وزير المالية رؤية اقتصادية ولكن أصحاب ( الحلاقيم ) رجعوا مرة أخرى يهددون وزير المالية ويلعنون سلسفيل رؤيته ، مما أضطره الى تأجيلها حتى إقامة مؤتمر اقتصادي في مارس ، وهكذا تأجلت منح أخرى كان يمكن أن تساهم في خفض التضخم والغلاء بأمر بعض ( الحلاقيم ) من عطالة السياسة ومحترفي ( طق الحنك ) في قوى الحرية و التغيير.
الحكومة الآن ليس أمامها سوى العمل على جذب عائد الذهب وجذب العملة الصعبة عبر المغتربين ، إنتاج الذهب في السودان سنويا لا يقل عن ٣ مليارات دولار ، معظمه يخرج عن طريق التهريب، بينما تتجاوز تحويلات المغتربين سنويا مبلغ ٤ مليارات دولار، جميعها تدخل الآن عبر السوق السوداء التي كما يتضح من حركتها يهيمن عليها الكيزان وانصارهم ، فهم ينشطون بشراهة في شراء العملة الصعبة وتخزينها من أجل أن تتهاوى العملة الوطنية أكثر وتغرق حكومة الثورة في الأزمات ، ويستخدمون في ذلك اموالا جمعوها بكل تأكيد أيام سيطرتهم على السلطة، فهي أموال ( سايبة ) لم يدق احدهم من أجلها ( كندكة ) ، لذلك من السهل استخدامها في هذا العمل الهدام ، وهؤلاء يجب العمل على القبض عليهم وتقديمهم لمحاكمات عاجلة وثورية .
ليس مقبولا مهما كانت المبررات ان يتهاوى الجنيه السوداني يوميا أمام أعين حكومة الثورة وهي لا تحرك ساكنا ! ولا تطمئن المواطن بأن هناك إجراءات قيد العمل ستكون حاسمة في خفض التضخم والغلاء . غير مقبول اطلاقا ان تنتظر الحكومة وقوى الحرية والتغيير مؤتمر مارس الاقتصادي لكي تعلن أخيرا حزمة اجراءاتها لمعالجة أزمات الاقتصاد ، غير مقبول اطلاقا ان يصحا المواطن فلا يجد الخبز ولا الغاز ولا الوقود وتجيبه الحكومة وحاضنتها ( قحت ) بأن ينتظر نهاية المؤتمر الاقتصادي !! عالجوا الوضع الآن او لا تلوموا إلا انفسكم إن فار التنور وانفجر الطوفان .
sondy25@gmail.com