مباشرة: هذه الحملة ممتازة جداً من كل النواح، وايضا كان لابد لها ان تكون منذ البداية، لكن لا بأس: المهم تبدأ.
والأهم هو في كيفية ادارتها.
ومع احترامي للمجهودات التي تقدمها منظمات المجتمع المدني مثل خريف بلا حوادث وصدقات وغيرها، وهي مهمة في مجالها، لابد ان تعمل اللجنة القومية التي تقود “القومة للسودان” بشكل مختلف تماما عن تلك المنظمات.
هذه يجب ان لا تصبح مجرد حملة جمع تبرعات وانتهي، وإلا فقدت قيمتها وسقطت في غايتها منذ البداية.
اري أن تبدأ وتكون حملة تعبئة وطنية من الدرجة الأولي. هي حملة من اجل شحذ الهمم واستدعاء الوازع الوطني ليكون هو المحرك لكل شيء وقبل كل شيء.
ولتتقدم الحكومة بمؤسساتها الصفوف الأولي. قد يظن أحدهم أنها حملة لدعم تلك المؤسسات فكيف لها أن تقودها: ويضرب لنا الامثال المتلاكة: “فاقد الشيئ لايعطيه .. وعبدالمعين المتعان” وغيرها.
ولكن: يحب ان يشارك الإعلام الحكومي في المقدمة وخلفه الأهلي والخاص. ويجب ان تشارك وزارتا التعليم وخلفهما كل المؤسسات التعليمية الاهلية والخاصة، ويحب ان تشارك وزارة التجارة في المقدمة وخلفها الشركات وكافة المؤسسات التجارية الخاصة. وحتي وزارة الخارجية إن ظن آخر أنها فقط حملة داخلية كونها وطنية بحتة، فما احوجنا للسفارات وتسهيلات تحريك عون ابنائنا في الخارج.
ومن أهم المؤسسات الحكومية التي يجب ان تتقدم الحملة، القوات النظامية بمختلف مكوناتها، وخاصة الأمن! ففي هذه الحملة لابد من تنظيم وضبط عملية توزيع المواد والسلع التموينية. ولابد ان تُجرِد هذه الحملة تلك الأجهزة الأمنية من ثوب السلبية التي كست نفسها به وهي تراقب كيف أنهكت لجان المقاومة عضويتها حتي خارت قواهم وهم يجتهدون في رقابتهم للأفران وشاحنات الدقيق والوقود ويلهثون وراء دفارات الخبز المهرب. كما علي شركات الأمن ان تتحول الي الدولة وان تؤول كافة اصولها واموالها للدولة. هذه الصورة المقلوبة لابد ان تعدلها هذه الحملة الوطنية.
الوازع الوطني الذي نريد ان تستنهضه هذه الحملة يجب أن يقود كل مواطن الي الالتفات الي أداء واجبه الشخصي الإيجابي نحو كل شيء ! نعم كل شيء في تعامله مع اسرته وجيرانه وحييه وزملاء العمل وفي اداء العمل وانجاز كافة مهامه. ولا انادي هنا الي الدعوات التي أضحت خاوية المحتوي مثل: علينا فقط التوجه الي الانتاج لزيادته. فهذه لم تتحقق ولن تتحقق اذا لم نربطها بكافة عناصر الحملة القومية، وخاصة الوطنية. وانما اقصد استدعاء السلوك الثوري الفردي في كل شيء بما فيه الانتاج والعمل. نريد ان تسترشد هذه الحملة بنموذج ميدان الاعتصام: “ارفع يدك فوق التفتيش بالذوق” “كان عندك خت وكان ما عندك شيل” “والشاي بي جاي” …
كل صاحب وسيلة مواصلات يبادر بتوفير وسيلته للناس بدون اي تردد او تغيير مسار او تقطيع الخطوط، وكل واحد وواحدة ينظم نفسه لركوبها بكل حضارة. الناس في أديس أبابا يقفون صف بأولوية الحضور وهم ينتظرون وصول الباص او الحافلة، وهذا يتكرر في كثير من بقاع الدنيا، ونريد ان تؤسس له هذه الحملة القومية الوطنية.
كما نريدها أن تعيد ترسيخ قيمنا التي غطتها الإنقاذ بروثها. نحترم كبارنا ونقف لهم موقرين، ونحترم صغارنا وندعمهم ونوقر معلمينا ونعاود مرضانا ونكرم ضيوفنا ونجود بالموجود ونزور جيراننا ونصل أرحامنا ونستر اخواتنا ونحميهم. وكلي يقين ان في ذلك دعم بلا حدود لهذه الحملة التي في ظاهرها دعوة لإنقاذ اقتصاد بلادنا المنهار، وأري أن في مكمن جوهرها نهضة واستدعاء لكافة القيم الوطنية الثورية الإنسانية التي بدورها تؤثر في كافة مفاصل الانتاج ودورة الاقتصاد.
علي كل مؤسسة ان تحدد طريقة مشاركتها ودعمها لهذه الحملة الوطنية، لا أن تنتظر سلبيا أن يأتيها الدعم من الشعب.
وزارة الزراعة تقدم كل ما يسهل للمزارع عمله وهو مقدم اي الموسم الصيفي، والكهرباء تنظم توزيع انتاجها ولو علي قلته وإعتبار الأولويات، وكذا وزارة الصناعة والمالية والصحة.
أري أن تصبح حملة جانبين، حملة أخذ وعطاء. فكل الوطن يعاني وفي مقدمة ذلك المواطن البسيط الكادح.
٣ أبريل ٢٠٢٠