تحاول الأقلام المدفوع لها من المتصيحفين القول للشعب إن قوش إنحاز للثورة فهو وطني في إطار خطة للعودة يكون قوش على رأسها أو يكون جزء من قيادتها، وليس مهماً أن تكون تلك العودة هي النظام السابق، فللرجل تارات جديدة مع حميتي والبرهان، الذين استبعداه من عضوية مجلسهم العسكري الذي انقلب علي ابن عوف، وضحوا به مضطرين لان الشارع ما كان ليقبل بهم وقوش معهم.
اقول لهؤلاء الصحفيين أن قوش خضع وانكسر أمام جحافل الثوار، ولم ينحياز فالذي ينحاز هو المؤمن بالثورة الذي كان يختلف مع الثوار علي الوسائل أو التوقيت، وليس الذي كان يقتنصهم في الشوارع ويكسر أبواب المنازل وياخذ الثوار من بين ايدي أسرهم والناس نيام. والصحيح أن قوش انكسر وانهار بعد أن أيقن بانتصار الثورة، مجبر أخاك لا بطل..
نعم الرجل هو أكثر قادة النظام القديم ارتباطاً ومتابعة ومعرفة بما يجري من حراك على كافة المستويات، منذ ما قبل ديسمبر، بل منذ بداية حكم الإنقاذ. ولابد انه ومن خلال متابعته عرف ورصد مضاءة الثوار وقوة دفع الثورة المتصاعد
وبلا أدنى شك أنه قد وصل إلى قناعة كاملة أن الثورة منتصرة منتصرة لا محالة، وان النظام إلى سقوط إلى سقوط لا محالة.
ولكن قوش بدل أن يواجه قيادته في الحكومة والتنظيم في اللحظة الحاسمة ما قبل السقوط، فإنه لم يفعل، لأنه يعرف أي نوع من القيادة في الحزب والحكومة التي كانت تقود آنذاك ، ويعلم باليقين أنهم سيوصفوه بالخيانة وسيقومون بتصفيته مباشرة.
ولذلك بعد أن تأكد لقوش ان النظام ساقط لا محالة، ومع قناعته إن قيادته لا تمتلك اي حل غير تصفيته، عند ذلك رأي أن ينحني للعاصفة ويحاول مساومة بعض الضباط في الجيش والدعم السريع، وقد نجح في إقناع حميدتي ولكن حميدتي كان ذكياً واشترط وجود البرهان وقد كان، وهناك كانت أولى الضربات القاسية لطموح قوش في الإنقضاض على القيادة، تبع ذلك استبعاده من عضوية مجلس العسكري بحجة عدم قبول الشارع لهم كلهم إذا كان قوش معهم بالمجلس، وهم صادقون.
لم يتوقف قوش في محاولاته للالتفاف على المشهد ولكن كل محاولاته تكسرت، وبعد كادت أن تنفد محاولات قوش للعودة مع العسكر، عاد اليوم وعبر بعض عملائة في الإعلام أن يغازل الشارع وهو يشير إلى قوى الثورة، ولكن في الزمن الضائع، كمن يبيع بضاعة في سوق الخضار نهاية النهار لا يرغب فيها احد، قرع العباس عشرة بقرش.
الواقع والحقيقة أن قوش كان هو الذي يدير كل معركة المواجهة مع الثوار على الأرض. هو الذي إعتقل ويدبر وهو الذي أرتكبت تحت وتوجيهاته كل الافعال الشنيعة من اغتصابات وخوابير. وهو الذي قتل بدم بارد رمياً مباشراً بالرصاص في الشوارع وأعدم الكثير من المعارضين في المعتقلات والسجون بلا محاكمات..
قوش لا يستحق الحديث عنه بخير فهو مجرم ملطخة أياديه بالدماء. وهو جبان رعديد، لو كان شجاعا لبقى مع قيادته إلى أن قتل في مواجهة الثوار، لكنه جبان رعديد وقذر. وما يفعله اليوم من محاولات للعودة وتبييض الوجه ليس أكثر من فرفرة ومن المحاولات اليائسة لغسل اياديه من دماء الشرفاء..
كيف لنا أن ننسى ونغفر ما تم بحق الشجعان من الطلاب والسياسيين والمهنيين وحتى المواطنين العزل في كجبار والاعوج وغيرهم، الذين قتلوا بدم بارد بعد أن قُطعت أطرافهم وعذبوا وأنتهكت كراماتهم تحت الأفعال الجبانة من التهديد والوعيد في الغرف المقفلة. كيف لنا أن ننسى ونغفر ما تم بحق الكريمات من بنات الوطن ممن أغتصبن تحت القهر والزجر في بيوت العزل التي أخذهم لها أمن قوش. كيف لنا أن ننسى ونغفر قتل الطلاب الشجعان؛ محمد عبدالسلام والطيب صالح وغيرهم. وكيف لنا ألا نحاسب على الأموال الضخمة التي أنتزعت من أفواه الفقراء ليبني بها قوش دولة للأمن كاملة مستقلة عن الدولة، من الشركات والجوش الجرأة، ومن أفراد وضباط وعملاء للأمن في كل مفاصل الدولة.
صلاح قوش هو أكبر مجرم عرفه تاريخ السودان، والواجب أن يعتقل فوراً ويحقق معه ويتم تدوين كل الجرائم التي حدثت في عهد الإنقاذ تحت اسمه، وأن يبقى في الإعتقال إلى أطول مدة، إلى أن يتم الرصد والتحقيق الكامل في كل الانتهاكات، ومن بعد ذلك ينال العقاب المستحق ومعه كل الشركاء في جرائم الانقاذ.
أن مصلحة الثورة ومصالح السودان في الحاضر والمستقبل تتطلب أن يتم احتجاز قوش فوراً. فالرجل عنده كل أسرار الدولة في الداخل وفي الخارج، وهو شاهد عصر على كل جرائم الإنقاذ وعلى علاقات تنظيمهم الدولية، وبلا شك هناك الكثير المثير حول ما كان يتم من تحالفات واتفاقيات مع التنظيم العالمي للإخوان ومع الدوائر الاستخباراتية ومنظمات الجريمة الدولية وبلا شك أغلبها كان ضد مصالح الوطن وأنها كانت السبب فيما وصل له الحال الماثل..
ليس الإستغراب أن يحاول قوش الفرار وغسل أيديه من تاريخه الوضيع ومحاولته الهروب من العقاب على أفعاله، ولكن الدهشة والصدمة في الأقلام المأجورة التي تنفذ له مآربه وتعتقد ان فينا قنابير كما يقول المثل.