——-
اوردت وكالة سونا للانباء ان شرطة مباحث التموين قد وضعت يدها على مخزن في الخرطوم بحري به حوالي 40 الف جوال دقيق ( حسب احصاءات وزارة التجارة هذه الكمية تكفى السودان لمدة اربعين يوما ) .
وقبل الدخول في التفاصيل دعونا نهنيء ونشيد بشرطة مباحث التموين ونبارك عودتها بعد ان تم الغاء شرطة المباحث في بداية تسعينيات القرن الماضي ابان الحكم البائد لاسباب لا تخفى على اي متابع .
واعتقد عودة هذه الشرطة دليل عافية اننا نسير في الاتجاه الصحيح رغم العثرات .
اعود للخبر … بعد نشر الخبر سارع جهاز المخابرات العامة لنشر معلومات تؤكد فيه ان هذه الكمية تم التحفظ عليها من قبل الامن الاقتصادي قبل عدة اشهر ( اعتقد من شهر نوفمبر الماضي ) وهي منحة من دولة شقيقة واثبتت المختبرات انها غير صالحة للاستخدام الادمى وجاري الترتيبات للتخلص منها حسب الطريقة المتعارف عليها في مثل هذه الامور.
تقريبا هذا هو ملخص بيان جهاز المخابرات العامة .
هنا لا اريد ان اتطرق للدولة الشقيقة ( كما يقول بيان المخابرات !!!!!) لانها ليست شقيقة ولا تريد خيرا لشعب السودان والا لما تجرأت وارسلت دقيقا فاسدا لتسميم شعبه . ولا ادري كيف تصفها مخابراتنا بالشقيقة وهي تسعى لبث سمومها الفكرية والغذائية ويريدون تغذيتنا بفاسد دقيقهم وكأننا قطيع من حيواناتهم دون ان يطرف لهم جفن !!
ومن حقنا هنا ان نتساءل .. هل وزارة التجارة كانت لا تعلم بدخول هذه الكمية الضخمة من الدقيق للسودان ؟؟ وهل دخلت دون اذن منها ؟؟ ومن الذي قبل هذه الهدية القاتلة ؟ ومن الذي قام بتخزينها ؟ ومن الذي طلب بفحصها والتأكد من صلاحيتها ؟؟
كلها أسئلة حائرة لا تجد لها إجابات تشفى الصدور .
الواضح ان وزارة التجارة ليس لها علم والدليل على ما اقول ان وكيل الوزارة هو من أعلن بنفسه عن هذا الخبر المفجع !
واذا كانت وزارة التجارة لا تعلم اذن من البديهي ان مجلس الوزراء ايضا لا علم له .. هكذا يقول العقل والمنطق .
ويظل السؤال ما هي الجهة التي سمحت لهذه الكمية ان تدخل السودان ؟
وهذا يؤكد مرة اخرى ان هناك ليس فقط دولة داخل الدولة بل دول داخل الدولة الواحدة .. و( وبالواضح الما فاضح ) فإن المؤسسات العسكرية واذرعها التجارية تمثل دول داخل الدولة . مازالت المؤسسة العسكرية تمسك بتلابيب الاقتصاد السوداني وتتصرف فيه كما تشاء .
وحتى لا نتجنى عليهم فلنأخذ قصة الدقيق مثالا … هل قامت المخابرات العامة بإخطار وزارة التجارة بوجود هذه الكمية المهولة من الدقيق في مخازنها ؟ هل اوضحت لمجلس الوزراء انها حجزت هذه الكمية لاجراء الفحوصات المعملية عليها . ان فعلتم ذلك ..هاتوا دليلكم
وان لم تفعلوا ,( وهذا هو المتوقع) فأشرحوا لنا ما هو دوركم في دخول هذه الكمية للسودان الى ان وصلت لمخازنكم .
كفانا دفنا للرؤوس في الرمال .. قوى الحرية والتغيير قبلت مشاركة العسكريين للحكم وهذا ما اقتضته الظروف الموضوعية في تلك الفترة وقبل الثوار ذلك وعلى مضض ولكن الثوار لن يقبلوا ان تكونوا دولة داخل الدولة ولن يقبلوا ان تتحكموا في مصير هذا الشعب ومصير ثورته عبر شركاتكم .
ابقوا على ادارة شركاتكم الاقتصادية من الناحية الفنية لا غبار في ذلك ولكن شريطة ان تؤول ماليتها وبشكل كامل وغير منقوص لوزارة المالية وهي المتحكمة الوحيدة في اموال الدولة .
هذا اذا كنتم جادين في الشراكة الفاعلة والمنتجة مع الحكم المدني اما هذه المواقف الرمادية لا تزيد الوضع الا تعقيدا .
على المكون العسكري ان يتماهي تماما مع الحكم المدني لبناء السودان الجديد او ( فارقونا فراق الطريفي لجمله )
ونحن سنستعد للثورة القادمة مستلهمين ثورة ديسمبر التي اسقطت رئيسين خلال 48 ساعة وما الثالث بعزيز لديهم .
والسلام على من اتبع الهدى