أحدث صورة لمتنزه ناشيونال مول .. الساحة الأمامية للعاصمة الأميركية ، بعدما هجره الناس، يرفل فى خضرة زاهية، يحيط به الهدوء والسكون من كل جانب باستثناء الجانب المتاخم لكابيتول هيل، حيث ينشط الكونغرس أحياناً فى ساعات التصويت على المساعدات المالية لدعم المواطنين، وهذا العشب الأخضر الذى كانت تطأه اقدام 30 مليون زائر سنوياً يشكو من قسوة الوحدة والصمت المرير الذى يخيم على المكان.
فى العام 2017 تم استبداله بنوع جديد من العشب مستديم بتكلفة 40 مليون دولار، والآن يحن الى تلك الأقدام حنيناً ماج فى صدره!..
إرشادات التباعد الاجتماعي قتلت صناعة السياحة المزدهرة في العاصمة، خوفاً من انتشار جائحة كورونا، تاركًة المتاحف و المعالم الأثرية المحيطة بالمول فارغة، والمول نفسه صامت صمت القبور. وسجلت عربات الطعام التى كانت تحاصر المول اسمها فى سجل الغياب الطويل، فى الصيف كنّا نتفادى قيادة سياراتنا عبر شارع 14 بسبب الوقفات المملة عند نقاط مرور المشاة حول المول، والان لا مشاة ولا سيارات ولا حراك ، ولا راكبو دراجات يقطعون عليك الطريق.
أُغلقت المرافق والخدمات وأُقفلت دورات المياه و مواقف السيارات حول المول والمعالم الأثرية المحيطة به. إحساس جديد غريب ينتاب المركز الذى كان الرئة التى تتنفس بها المدينة، إحساس مزيج من الوحشة والخوف، فالعشب الأخضر ونصب لنكولن، ونصب حروب كوريا وفيتنام الخ أقيمت لكى يأتى الناس لرؤيتها، فما بال الناس لا ياتون، الناس يقتلهم كورونا، والعشب الأخضر يقتله الهدوء!!.
العشب المسكين على مقربة من الكونغرس و البيت الأبيض والنظام العالمى الجديد، وعلى بعد خطوات من النصب التذكاري للينكولن وجيفرسون وتمثال مارتن لوثر كينج الخ، أشجار الكرز ونهر بوتوماك العظيم، متاحف اسميثونيا والهلكوست وقدامى المحاربين الخ والخ ….روح ـميركا ونبضها ونفوذها عاجزة عن تقديم السلوى لمولها الاعظم وعشبه الأخضر!!
ممتشق القامة سرت مع بحر من البشر وجلست على العشب فى هذا المكان عند تنصيب اوباما فى الدورتين، وعندما قالت لى سيدة قادمة من نورث كارولينا للغرض نفسه: الآن أنت تشهد التاريخ يصنع أمام ناظريك، زادت غبطتى بحضور تنصيب اول افرواميركى ريئساً للولايات المتحدة لايف، وكانت سببا كافياً لكى تعشوشب الصداقة بينى والعشب فى ذلك المكان، يهمنى أمره، وعشان خاطره لو قال ترمب: سنفتح البلد، سأقول له: افتح ميتينه ذاته!!