تابعت قبل قليل برنامج حوار البناء الذي يقدمه المدير العام لهيئة الاذاعة والتلفزيون لقمان أحمد، والذي استضاف وزيرة الخارجية أسماء عبدالله، بجانب اثنين من السفراء، ورابعهم خالد سلك.
خصص اللقاء للحوار حول خطاب رئيس الوزراء حمدوك للامم المتحدة.
أولاً لابد من الإشادة بهذا البرنامج القيم، الذي يقوده الأستاذ لقمان بكل اقتدار ومهنية افتقدناها كثيراً في التلفزبون القومي.
خرجت من هذا الحوار أن وزارة الخارجية مازالت تمثل إحدى نقاط الضعف الواضحة في الحكومة الانتقالية، وأن السيدة وزيرة الخارجية، ورغم احترامنا الشديد لها، إلا أنها لا تعطيك الإحساس مطلقاً انها وزيرة خارجية ثورة عظيمة كثورة ديسمبر، وأنها تفتقد الى الحضور الطاغي، وتفشل دائماً في التعبير عن نفسها، وحتى لا نظلمها هي ربما تكون وزيرة ناجحة في إدارة الوزارة من مكتبها، ولكنها دون المستوى في المخاطبة والحوار في مثل هذه البرامج .
استبشرنا خيرا عندما تولى عمر قمر الدين وزارة الدولة بالخارجية، وأنه سيقوم بسد النقص البين في السيدة الوزيرة، ولكن الوضع لم يتغيّر كثيراً، وبهذه المناسبة نسأل أين هو الوزير عمر قمر الدين؟! ( اظهر وبان عليك الأمان).
المهم، وعبر هذا البرنامج، فهمت كمية التغبيش الذي تمارسه الثورة المضادة حول هذا الأمر . لدرجة أن الداعشي الجزولي ( بدون دكتور) الذي يملأ الاسافير ضجيجاً هذه الايام، ووصل به الحال لطلب مناظرة مع رئيس الوزراء حمدوك، كأن الدكتور حمدوك لم يتبق له من مهام إلا مناظرة الجزولي!
ونقول له : من أنت حتى تطلب مناظرة مع رأس الجهاز التنفيذي في الدولة؟ واصل صراخك وضجيجك عبر الأسافير حتى لو استمع لك الآلاف كما تدعي، فلن تحرك شعرة في الثورة وحكومتها.
فليعلم الجزولي، والذين يشايعونه أن موضوع استدعاء الأمم المتحدة مازال في مراحله الأولى، وأن القرار لن يتخذ أصلاً إلا بعد وضع كل البنود المطلوبة.. البنود التي طلبها السودان، ثم يعرض مشروع القرار على الحكومة الانتقالية لمراجعتها، والموافقة عليها، وبعد ذلك يصدر القرار من الأمم المتحدة.. هل يعلم الجزولي ذلك؟ والله لا أعتقد ذلك.
والمعنى أن الولاية لهذه البعثة ستكون للسودان أولاً وأخيراً؛ لأن البعثة اأصلاً أتت أو ستأتي بطلب من السودان، وبالتالي كل البنود يجب أن توافق عليها الحكومة الانتقالية مسبقاً.
ولن تتدخل هذه البعثة في أي شأن من شؤوننا إلا بطلب من حكومتنا فلا داعي للصراخ والعويل.
هل يعلم الذين يملؤون الأسافير بالصراخ أن برامج الدمج والتسريح لقوات الحركات المسلحة، وبرامج إعادة النازحين لقراهم ومدنهم، والتعويضات الفردية والجماعية للمتأثرين بالحروب، وتنمية مناطقهم كم تكلف كل هذه العمليات خزينة الدولة؟ أقل التقديرات أنها تكلف ما لا يقل عن 18 مليار دولار .. كيف لدولة تفشل أحيانًا في تأمين دولارات لتفريغ باخرة وقود في بورتسودان … كيف لها أن توفر هذا المبلغ الضخم؟
نحن لا نريد من دولة أو دولتين لمساعدتناعلى توفير هذا المبلغ، ثم نكون تحت سيطرة هاتين الدولتين.. نحن نريد من الأمم المتحدة أن تقوم بذلك، وبما للسودان من حق في هذه المنظمة الدولية .. الأمم المتحدة هي من تدفع المجتمع الدولي، وتحت إشرافها القيام بعمليات تطبيق السلام، وكل متطلباتها، ولا نريد ذلك من دولة خليجية أو غير خليجية بعيداً من المنظمة الدولية.
ام تريدون توقيع اتفاقيات سلام هشة تنهار بعد شهر أو شهرين من التوقيع؛ وذلك بسبب عدم دفع متطلبات السلام؟
كل الذي يهمكم أن وجود هذه البعثة ستصعب عليكم العودة لحكم السودان مرة أخرى.. هذا هو الذي يدعوكم لذرف كل هذه الدموع؟ وأنا أطمئنكم أنكم لن تعودوا للحكم مرة أخرى لو جاءت بعثة الامم المتحدة أم لم تأت .. عليك انتظار الأجنة التي في بطون امهاتهم حتى تقنعوهم بمشروعاتكم البئيسة .. ربما تنجحون أقول ربما .
حمى الله وطننا من الكورونا وأصحاب المشروع الحضاري البائس