نجح دكتور أكرم علي التوم في كسب ود السودانيين ببساطة لأنه لم يدخر جهداً، ولم يَمُن َّعلى الناس ما تمليه عليه واجبات وظيفته ،،، عمل بكل إخلاص وتفاني يلمسه كل إنسان غيور على وطنه ،،، لم يُخفِ عنا حقيقة تردي الوضع الصحي وهو نتاج طبيعي لإهمال العهد البائد لمستشفيات الحكومة وتشجيع كوادرهم للتكسب من الإستثمار في المستشفيات الخاصة ،،، فصارت الزيتونة قبلة الملهوفين وهي القائمة على مساحة منزل لا يتجاوز ال٦٠٠ متر مربع، بينما وعلى بعد عدة خطوات سكنت حركة مستشفى الخرطوم التعليمي، أغلقت أبواب عياداته وفاحت رائحة العطن من عنابره المهجورة، عزم ضعاف النفوس على بيعه خِفيةً خِيفة كساد بضاعتهم لقليل مروءةٍ قَبِل حرمان الشعب من مستشفى الشعب من أجل حفنة دولارات.
أثار دكتور أكرم حفيظة من طالبوا بإقالته حينما وضع الملح على جروح الصحة فأصابهم الوجع، تحسسوا مصالحهم الشخصية التي تقاطعت مع أهداف الرجل ،،، إعادة الروح للمستشفيات العامة وتوفير خدمة نوعية من خلال تحسين وضع الكوادر الصحية بحانب توفير الدواء وجعله في متناول أيدي الغالبية ،،، تلك الأهداف السامية جعلت الطفيليين يتحسسون موضع الألم الشديد إن بقي دكتور أكرم في منصبه ،،، وهذا ديدنهم، كلما كانت المواجهة بين المصالح الشخصية الضيقة ومصلحة الشعب السوداني تفوز مصالحهم وتنهزم مقدرات المساكين ،،، ولكن هذه المره المشهد مختلف ،،، ما أن بدأ وزير الصحة ريمونتادا العودة لمربع جودة الخدمات في مستشفيات الحكومة حتى علت أصوات المنتقدين ممن أُلجِمَت ألسنتهم في عهد أبو قردة ومأمون حميدة ،،، فنجحوا في استصدار ذلك الخبر الذي نشره مجلس السيادة ثم تم سحبه بأمر الشارع ،،، يبدو أن هذا المجلس حتى الآن لا يدرك أن الحاكم الفعلي للسودان هو الترس، ومازال الترس صاحي.
تلك هي العبرة المستخلصة من محاولة إقالة وزير الصحة، أن الشارع هو من يمسك بزمام الأمور، وأن عواقب الردة عن أهداف الثورة ستكون وخيمة على من تسول له نفسه خيانة الشارع ،،، فدماء الشهداء ما كانت إلا مهراً للحرية من كل من تسول له نفسه إملاء قيودٍ أياً كان نوعها على السودانيين، وأن السلام هو رديف الإزدهار والتنمية، وهو حق لكل سوداني في كل شبر من أرض هذا الوطن ،،، وأن العدالة تعني مستشفيات حكومية بمستويات عالمية تكفي البسطاء شر إرتكاب الديون وبيع الغالي والنفيس من أجل التداوي في بلاد الآخرين، كما تعني مدارس حكومية عامرة بالتحصيل والنشاط الذي يبني شخصيات الطلاب ويصقل قدراتهم ،،، ليس كتلك المدارس الخاصة التي إبتدعها العهد البائد في الشقق والبنايات التي تفتقر لأبسط مقومات المدرسة ومع ذلك ترهق مصروفاتها كاهل الناس ،،، وهي تعني أن ننتج لنأكل مما نزرع ،،، ذلك الحصاد الذي أغاظ الزواحف وأحرق جوفهم فنفثوا فيه من نارهم شيئا.
صدر من المرجفين أمر البت في إقالة الوزير الوحيد الذي يرى الناس جهوده رأي الشمس الساطعة، وصدر أمر بقائه حارساً لعرين الصحة من الشارع، فليبقَ كل من يعمل بإخلاص من أجل هذا الوطن وليذهب المرجفون لمزابل لن ترضى بهم في جوفها.
أخبار اليوم