لم استغرب لبؤر الثورة المضادة تصوب نيرانها على لجان المقاومة. فالشيء من معدنه لا يستغرب. ما أثار عجبي أن صدّق الأستاذ خالد عمر يوسف، الأمين العام لحزب المؤتمر السوداني ما ثار حول لجان المقاومة في سنار في نسخة الثورة المضادة بذبابته. وجنح بالنتيجة ل”لتباعد الاجتماعي” من هذه اللجان. فنفي خالد يوسف قبل أيام رسالة منسوبة إليه ربطت بينه وبين الاعتداء على عثمان ذو النون في سنار. وقال إنها رسالة ملفقة. واتخذ تصديق خالد ما قيل عن لجنة مقاومة سنار مظهر إدانة “الحدس ما حدس”. فقال خالد إن ما حدث لعثمان ذو النون “أمر مدان بالكامل. فالعنف ليس الوسيلة الأمثل للتعبير عن الاختلافات”.
ولم يزد خالد حيال ذائعة عنف لجان المقاومة عن تنزيه الذات، واستعراض علوه علوا كبيراً عما يقوم به سفهاء بلجنة مقاومة سنار. وخلا الموقف من دبارة القيادة. فلم يسأل خالد عن طريق لجان مقاومة سنار أو فرع حزبه في المدينة إن كان ما أثير حولها حقاً. وإن كان حقاً فبأي حيثيات؟ لم يطرأ له السؤال إن وقعت حادثة العنف السناري، إن وقعت، كما روتها الثورة المضادة أم أن لها رواية أخرى نحررها بها من براثن أعداء الثورة. هل نبني موقفاً كمثل موقف خالد على ذو النون على ما تشتهيه الثورة المضادة أم باعتبار ملابسات لذو النون بالذات في جامعة سنار. فالرجل أوغر صدور زملائه في نفس الجامعة منذ سنوات في دوره ككادر عنف إسلامي متهم عندهم بقتل الشهيد سوميت.
وللشباب طرق في تصفية الخصومات لا اتفق معها شخصياً ولكنها ليست بالضرورة من إملاء لجنة مقاومة.
هذه أسئلة للتغذية يطلبها القائد عادة من قوى تقع في نطاق تحالفاته كلجان المقاومة ليبني عليها موقفاً من واقعات عنفها، أو عدمه، على بينة. وهي أسئلة أجابتها في متناول يد خالد متى طرأت له. ومن المؤسف أنه اختار أن يحفظ المسافة الاجتماعية من ذائعة سنار طلباً لتبرئة الذات وركوب أعلى الخيول الأخلاقية في هذا الزمان الضحضح للثورة.
يحز في نفسي القول إن خالد أسفر في ما يثار حول لجان مقاومة سنار عن فقدان لياقة قيادية كامل. فكأنه، وقد استنفده تنزيه النفس عن فعل السفهاء منا، قد رمى بلجنة المقاومة لتنهشها ضباع الثورة المضادة. ولا بواكي لها. وما أقرأه من أدب الثورة المضادة أن لجان المقاومة هي الهدف المباشر الحالي الذي تتجه إليها سهامها. وما يريدونه في الوقت الراهن بسيط وهو حشرها في زاوية لتتخذ وضع الدفاع عن نفسها في حين أردنا لها الهجوم لحماية الثورة. ووضعية الدفاع عن النفس، لا الهجوم، هو ما تحقق للثورة المضادة في جبهة القراي والمناهج وشركة الفاخر وبند حمدوك السادس. فصرنا نصرخ دفاعاً عن هذه الجباه لا هجوماً بها كما في أصل التفويض.
لسنا نعرف على وجه التحديد ما استراتيجية قحت حيال لجان المقاومة سوى استحسانها لها كنمل شغيلة مرابط عند الأفران وغيرها. دعك عن منافسات حزبية على قيادتها لم تعد قائمة بعد أن هجرت الأحزاب ميادين السفح لتقتتل عند القمة التي لا تتسع لكثيرهم.
لسنا على استعداد لنخسر لجان المقاومة بمثل ما رأينا من خبط في الملكة القيادية وغيبة استراتيجية قحتية لاستصحابها في عملية الثورة المستدامة. فهي عدتنا في زمن الوحول الذي زلت به أقدام وألسنة في قيادة قحت. لقد خاطر شباب المقاومة والنداء للفداء حار من شغاف الوطن. ولن يشق عليهم زمن الوحول. قال المتنبي:
إذا اعتاد الفتى خوض المنايا فأهون ما يمر به الوحول
IbrahimA@missouri.edu