أيام عطلة عيد الفطر والأسبوع الاخير من رمضان، كانت الوفود الرسمية هي الكاسر الأعظم لكل الاحتياطات الصحية التي وضعتها الدولة لمجابه الكورونا بطريقة تدعو إلى الرثاء على جدية هذه الحكومة في إجراءات الحظر الصحي. ما هذا العبث؟ ما هذا الاستخفاف؟
عبث واستخفاف بقيادة رئيس اللجنة المشرفة على مواجهة كورونا بروفيسور صديق تاور، الذي أقسم ألا تفوته هذه الفرصة، وكسر الحظر، وقاد وفداً رسمياً للنيل الأزرق ولم ينس أن تكون عضو السيادي رجاء نيكولا معه!! وقبله عضو المجلس السيادي محمد الفكي وزيرة الشباب والرياضة ولاء البوشي كسرا الحظر إلى أن وصلا كسلا ومدني، ولم ينسوا زيارة القضارف.
واخرون منهم لا أذكرهم كانوا في النيل الأبيض، وعضو السيادي شمس الدين الكباشي ارسل لكل الشعب السوداني تهديده ووعيده بان المدنيين لا يستطيعون الحكم بدون العسكر، ولو لساعة واحدة، واردف عليه أحد الحاضرين ولو لدقيقة واحدة سعادتك!.. أرسل هذه الاشارات من كادوقلي، ومن لقاء محضور .
أما عضو السيادي محمد التعايشي فقصته مع كسر الحظر تحتاج إلى مجلدات منفصلة .. لم يترك ولاية في دارفور حتى زارها، وكانت صدمته قوية في مدينة حدودية مع افريقيا الوسطى، عندما قال له احد الشيوخ هناك إنهم يقفون مع الحكومة ويؤيدون البشير.. وهذا الشيخ المسكين لا يعلم من هو رئيس السودان حالياً.
أما عضوة السيادي السيدة عائشة موسى ومعها وزيرة الخارجية أسماء عبدالله فقد اتفقتا على ألا يفوتهما هذا (الاوكازيون) المفتوح في كسر الحظر، وقررتا وكعادة السيدة عائشة ان تزورا سجن الأبيض! وتقف على حالة المساجين هناك، كأن عضوة المجلس متخصصة فقط في زيارات السجون والمساجين!!
وهناك زيارات أخرى كثيرة لم أتمكن من رصدها حتى لا أسبب لكم أوجاعاً أكثر .. هل تصدقون أن هذه هي حكومة ثورة ديسمبر العظيمة!؟ وكل ما يظهر احدهم يتحدث أن على المواطنين الالتزام بتوجيهات وزارة الصحة، وان يلتزموا بالحظر (حظر ايه الانت جاي تقول عليه انت عارف قبلا معنى الحظر ايه)، مع الاعتذار طبعاً لسيدة الغناء العربي في تغيير أغنيتها.
نأتي للنقطة الثانية، طالما اصلاً أنتم غير ملتزمين بالحظر، وأنكم تتواصلون مع الجماهير .. أين الولاية الشمالية في برنامج زياراتكم هذه؟ لم يفكر أي مسؤول على اي مستوى في الدولة: في مجلس الوزراء أو السيادي القيام بأي زيارة لأي مدينة من مدن الولاية الشمالية، من يخبر السيدة عائشة موسى ان هناك سجوناً أيضا في الشمالية؟
هل يستطيع أحدكم أن يعطينا اجابة مقنعة؟ .. لن تستطيعوا؛ لأنها إجابة حارقة .. لكنني سأتوكل على الله، وأقولها لكم سواء قبلتم أم لم تقبلوا؛ لأنها هي الحقيقة.
بطريقة مخجلة، كلكم او فلنقل معظمكم سافرتم إلى الجهات التي تنحدرون منها، ونسيتم أو تناسيتم انكم في مناصبكم وكراسيكم التي تجلسون عليها تمثلون كل السودان شرقه وغربه وشماله وجنوبه، وان وظائفكم التي تشغلونها هي وظائف قومية ولا تنتمى لولاية أو مدينة أو قبيلة .. من حقكم أن تزوروا مناطقكم التي تنحدرون منها، ولا بأس في ذلك، ولكن ضمن برنامج يشمل السودان كله، او عدّوها زيارات شخصية لا علاقة لها بالمنصب تماماً كما فعل البرهان، وقضى العيد مع أهله في قندتو، وهو أفضلكم على الإطلاق في هذه الجزئية، وهذه هي الحقيقة التي يجب ان تقال.
أعلم ان هذه الزيارات اصلاً غير منتجة، ولكنها تترك اثراً سيئاً في النفوس إذا لم يتم التعامل معها كما ينبغي.
لو كنت مكان وزير الصحة دكتور أكرم علي التوم لفرضت الحظر اسبوعين لكل الوفود التي سافرت، أو بالعدم لرفعت الحظر عن كل الشعب؛ لأنه من المستحيل ان تفرض حظراً على شعب، وزراؤه وكبار مسؤوليه يجوبون الأصقاع وفي ( الفارغة كمان).
الله يعينك يا أكرم، وكل عام وأنتم بخير.