تجمع المهنيين لم يجد القبول الجماهيري سوى بقدرته على توحيد الجميع ، مختلف الأيدلوجيات والتوجهات والأفكار عبر خلق الخطاب المشترك والحد الأدنى من المتفق عليه ، وإذا فقد ذلك يكون قد فقد قيمته ومصدر قوته الأساسي ، وبالتأكيد فإن هنالك عموميات في قضية علاقة الدين والدولة والمواطنة كان من الممكن أن يدعوا لها التجمع ويخلق حولها توافق مهم في طريق بناء قناعات ومبادئ قانونية ودستورية دائمة .
من غير المعقول أن يقفز التجمع على أولوياته الأساسية المتمثلة في بناء النقابات والمساهمة في تنظيم وتقوية المجتمع المدني ليناقش هكذا قضايا ، متجاوزا أولوياته وهي التي سيصعب تحقيقها مع أي محاولة للتجيير الأيدلوجي للتجمع ، كما أن تناول القضية بهذا الشكل من السطحية يحولها لحرب شعارات وتحشيد واصطفاف واصطفاف مضاد ، في الوقت الذي نحتاج فيه إلى الوحدة والاتفاق ، أن نستطيع رعاية مانتفق عليه من عموميات ونلتف حولها ، لا أن نخاطب ما يزيد من الانقسام والتشتت ، فروح الفترة الانتقالية تكمن في تهيئة الوطن لعملية تحول ديمقراطي حقيقية ما يتطلب أكبر درجة ممكنة من الاتفاق .
طبيعة التجمع التحالفية وتنوع عضويته من المشارب والجهات المختلفة تحول بينه وبين قدرته على اتخاذ أي موقف أيدلوجي ، فهو تحالف بني ميثاقه على القضايا النقابية في المقام الأول ومن ثم المتفق عليه من عموميات في القضايا الشعبية والجماهيرية ومن المؤسف أن مسألة كهذه فاتت على من أعلنوا هذا الموقف الذي ربما يعبر عنهم ، ولكنه لايعبر عن تجمع المهنيين كتحالف بأي حال من الأحوال بالإضافة إلى أنه يعارض كل المتفق عليه داخل مواثيق ولوائح التجمع .
ليس من الحكمة أبدا أن نقفز على الواقع في أي وقت من الأوقات ، لاسيما في فترة انتقالية مليئة بالتعقيدات والقضايا المتشعبة ، التدرج في الخطوات مهم وكذلك مهم جدا أن نبني على الموجود من المكاسب ، والخطر هو ان يستعجل أي طرف من أطراف هذا الواقع الوصول لنتائج تعبر عن مايريد هو لا مااتفق أو يتفق عليه الجميع .