الحلقة (2)
الرحالة الانجليز الاوائل كانوا يسمون السودان {ارض العجائب}
اليس غريبا أن تكون أطول فترات الحكم في السودان بعد الاستقلال هي فترات الحكومات الشمولية.
تحت إسم الثورة انقلب الشيوعيون علي الحكم الديمقراطي في 25 مايو 1969 واسموها ثورة مايو! وهي في الأصل انقلاب الحزب الشيوعي. فهو الذي دبرها وخطط لها. هذا الاختراق والتغبيش وتضخيم الذات الذي مارسه الحزب الشيوعي ابان (مايو) نما وكبر وزاد حتى ابتلع الحزب الشيوعي نفسه في أيام مايو الأولى ولم يتحمله الحزب الشيوعي صغير الحجم مدة أكثر من عام، حتى انفجر الحزب الصغير على نفسه وحرق الرفاق ومزقهم اي ممزق ودمر أسطورة الحزب السوداني، الذي كانت تقدمه موسكو وتزهو به كنموذج للأحزاب الشيوعية في العالم الثالث.
ولم تقف آثار انفجار الشيوعي في حدوده بل تجاوزها إلى تدمير الاقتصاد الوطني والي انهيار النظام الاقتصادي والتعليمي والإداري، خاصة الإدارة الأهلية وانتهى ذلك للقتل علي اساس القبيلة والهوية السياسية وتواصلت المجازر تلو المجازر منذ مجزرة بيت الضيافة ومقصلة الرفاق للرفاق.
وسيبقى انقلاب (ثورة) مايو هو عورة الحزب الشيوعي المنتنة التي لا يمكن تغطيتها او غسلها بكل بحار الدنيا.
الحزب الشيوعي لم يتعلم من تجاربه الفاشلة ولم يتجاوز عقلية التوهم تضخيم الذات، ومازال بنفس العقلية التي خططت (لمايو)، وهي نفس العقلية تحاول الانقلاب علي ثورة ديسمبر وتوشيحها باللون الأحمر. ويبدو أن الرفاق قد سلموا عقولهم لكنانة ماركس عندما قرروا الدخول للحزب الشيوعي، ولم يروا حتى التطورات التي حدثت في عقلية أهل الحق الأصيل في الاتحاد السوفيتي الجديد بقيادة روسيا الجديدة، والتي ركلت ماضيها وتجاوزت التوهم وقبلت بخروج أكثر من نصف مساحتها في سبيل أن تسلم روسيا فتنجح وتحقق ما هي عليه الآن بقيادة بوتن.
وهي ذات العقلية التي أدت بالكيزان إلى الانقلاب على كل الواقع الوطني مستخدمة الشعارات الغوغائية من شاكلة (فلترق كل الدماء) مستغلة حماس شباب غائب فكرياً ومفاهيمياً ومنفصما عن الواقع. وليس غريبا أن تسمي الانقاذ نفسها ثورة. فقد قدم لها الشيوعي لها النموذج فابتلعته بلا وعي في إطار الأوهام التي تمكنت من قادتها وعلى رأسهم الترابي ثم انتهت الإنقاذ الي اكبر حفرة وقعت فيها البلاد منذ تأسيسها، وانتهت إلى أكبر بالوعة سقط فيها كل دعاة الفضيلة والزهد والطهر.
لم يكن الاسلامويون أفضل من الشيوعيون في منهجهم بل كانوا أسوأ منهم فقد استخدم كليهما الجيش لتزوير الهدف والتغطية العورة، ثم استخدموا الدولة في دفن منافسيهم أحياء وفي سياسة التطهير والتمكين. التي بدأها الحزب الشيوعي في مايو.
نحجت ثورة ديسمبر المجيدة لكنها تواجه هذين الخطرين المحدقين، خطر الاسلامويين وخطر االشيوعيين. وهذين الخطرين هما المأزق ومركز الازمة في الوطن الان وفي المستقبل. وهما مصدر كل المصائب التي حاقت وما زالت تحيق بالبلاد. وسيستمر هذين الحزبين الصغيرين حجما والانقع سما والابعد عن الوطن والوطنية والأكثر تخلفاً في الفكر والفلسفة السياسية والاكثر بعدا عن الواقع السوداني.
الحزب الشيوعي مازال يحلم بمايو اخرى وبدأ سياسة التمكين والتمهيد لمشروع الانقلاب مع ضربة البداية وقبل تتم له السيطرة الكاملة. وكذلك يحلم الكيزان أن يعودوا مجددا اعتمادا على أياديهم في الدولة وترسانتهم المدونة في الأرض.
هذين الحزبين ليس لهما اي علاقة بالديمقراطية ويتملكهم الخوف منها وما سيطرة التفكير الانقلابي عليهم ومحاولة وئد الديمقراطية الا دليل على خوفهم من انكشاف حالهم وظهور حجمهم الحقيقي في إطار اي انتخابات حرة ونزيهة.
على القوى الوطنية الديمقراطية الأصيلة صاحبة الوزن الإنتخابي وكل القوى المؤمنة بالديمقراطية وخاصة الشباب الذين انجزوا المهمة في الشوارع وصرعوا الإنقاذ، عليهم جميعا أن تتوحد اراداتهم في الاتفاق على تمكين أسس النظام الديمقراطي وحراستها وعلى ضرب كل من يهدد الديمقراطية وهذه مهمة تحتاج التخطيط والنفس الطويل.
الكيزان في أذهانهم انهم تحفهم العناية الإلهية وتصوت معهم الملائكة والشيوعيون يسرقون صوت الشعب ويكونون اللجان في جنح الظلام، لانهم لا يؤمنون بوجود الملائكة ولا يحتاجون اليها في تزييف الحقائق والكذب، لانهم ابرع من ابليس نفسه في الكذب وخداع الجماهير.
كيف لتنظيم يساري لا يؤمن بالجنة والنار ولا يؤمن بالحياة بعد الموت ان يردد اعضاؤه في اكبر نفاق سياسي ومتاجرة بالدين (شهدائنا ما ماتواعايشين مع الثوار). أليس هذا ساحات فداء جديدة يريد بها الحزب الأحمر ازهاق المزيد من ارواح الشباب، والمزيد من العزل والفرز، من أجل الاستغلال والمتاجرة بصورهم لدا مجتمع مسلم سمح الإسلام،
ومن أجل استغلال حزن اصدقائهم واحبائهم تمهيدا لمصيدة أخرى؟؟.
لم يقتل شيوعي واحد طيلة ثورة ديسمبر الظافرة في ثورة استمرت لنصف العام، ولا في سبتمبر الموؤدة ٢٠١٣م ومازال الشيوعيين أكثر القوى السياسية نواحاً وصراخاً للعدالة والانتقام. الشيوعيون يحتاجون لموت غيرهم، لأنهم قلة ويخافون الموت ولا يرون في الموت الا نهاية وعدمية. اما الاسلاميون فيحتاجون لموت بعض اعضائهم ليتزوجوا بنسائهم واخواتهم خاصة ان كنا جميلات وليتجاروا بهم من أجل المزيد من التغبيش للرأي العام والمتاجرة.
الديمقراطية عملية مضنية وطويلة وشاقة وتحتاج لصبر ووعي وقناعة وثقافة وإيمان. عندما اندلعت الحرب الاسبانية بين الجنرال الدكتاتور (فرانكو) والاسبان المنادين بالديمقراطية، هب كل الشباب المؤمن بالديمقراطية من إنجلترا وفرنسا وبقية اوربا لخوض الحرب من اجل الديمقراطية وبالفعل اصبحت اسبانيا دولة ديمقراطية وفي مقدمة دول العالم من ناحية اقتصادية.
واجبنا جميعا كسودانيين جيل بعد جيل هو تأسيس وحماية الديمقراطية ودفن كل حزب سياسي لا يؤمن لالديمقراطية. ويجب ان يكون معيار انتمائنا السياسي لاي حزب هو مدى تقيد ذلك الحزب وايمانه بالديمقراطية قولا وفعلا.
ليس هناك خيار ثالث وليس هناك منطقة وسطى بين الشمولية والديمقراطية. ورعاية الاحزاب السياسية ذات الطابع والفكر الشمولي. هي حفر لقبورنا بأيدينا. وهي تدمير للبلاد وهلاك للعباد وكفانا مضى وضاع من عمر هذه البلاد.