ايفون اندرسون أميركية سمراء جميلة المحيا، عذبة الابتسامة استاذة في جامعة كونيتيكت وإعلامية وصاحبة شركة للعلاقات العامة التقيتها في القطار بين فرجينيا وواشنطن وتوطدت بيننا صداقة ومشاركات في مناسبات عديدة امتدت لسنوات، سألتني ذات مرة عن جوهر العلاقات بين السودان ومصر وقالت انها تتمنى ان تزور الاهرامات في القاهرة قلت لها بان هناك مئتين وأكثر من الاهرامات في السودان ايضا لم تخف إيفون دهشتها التي بدت على وجهها من تماثل الحضارتين السودانية والمصرية منذ القدم وقالت إن شعوب هذه المنطقة التي صنعت حضارة نهر النيل شعوب جديرة بالاهتمام والاكتشاف. تذكرت حديث ايفون وانا اكتب عن اولى مشاهداتي لقاهرة التسعينات منذ وصولي اليها في مطلع تلك الحقبة التاريخية من هذا المشوار الطويل .
لم يكن الرحيل عن مثلث المدن الثلاث التي تجري من تحتها الانهار “أمدرمان – الخرطوم، والخرطوم بحري” بكل ما يحمله هذا المثلث من معان تاريخية واجتماعية وعاطفية بالنسبة لمن عاش بين اضلاعه أمرا يسيرا وسهلا لكنه مكتوب جرت به المقادير كما يقولون .
كانت القاهرة هي المحطة الأولى ، وهي مدينة خصبة المعنى تحمل في داخلها مدن. عندما تطأ أقدامك أرض الكنانة لأول وهلة ورغم ما قد تعانيه من مضايقات ضباط الأمن والجوازات تلك الأيام وانت تحمل جوازك السوداني المغضوب عليه إلا أن احساسا دافئا ينتابك بأنك لم تذهب بعيدا عن وطنك فسرعان ما يتبدد القلق أمام ألق خاص بالمكان يبدد كل إحساس بالمضايقة وعنت اجراء ضباط الجوازات ومراجعات امن الدولة المصري في تلك الفترة التي كان يفترض فيها ان اي قادم سوداني هو متهم او إرهابي متخفي أو محظور حتى تثبت براءته بعد الفحص الأمني مالم يكن في استقبالك احد منهم او مرتب لزيارتك عبر جهة رسمية .
غير ان العلاقة الوجدانية بالشعب المصري لم تتغير بسبب هذا العنت الرسمي الذي يشكل تيرموترا حقيقيا لقياس درجة التوافق في العلاقات الرسمية بين البلدين حيث تزداد المضايقات في المطار والشارع كلما توترت العلاقات الرسمية وتخف كلما ساد الوئام بين الحكومتين وهذه عادة مصرية رسمية تلمسها في موانيء الوصول والمغادرة المصرية وهي عادة تلقائية لا تحتاج إلى توجيه رسمي .
بعد منتصف الثمانينات أقام اتحاد الكتاب والأدباء السودانيين حفل تكريم لوفد مصري من الأدباء والمفكرين كان في زيارة للسودان بداره في حي مقرن النيلين بالخرطوم أحياها شعراء ومطربون سودانيون علي شرف الوفد الذي ضم نخبة من المفكرين والصحافيين والمثقفين المصريين كان من بينهم الأساتذة محمود أمين العالم، ولطفي وآكد ، وفيليب جلاب وامينة النقاش وجميعهم من قادة حزب التجمع المصري وقوى اليسار، طلب الوفد حينها من المطرب عبد الكريم الكابلي أغنية ( آسيا وأفريقيا ) التي نظم كلماتها الشاعر السوداني الحسين الحسن والتي تقول كلماتها :
عندما أذكر يا قلبي الأناشيد القديمة
ويطل الفجر من قلبي على أجنح غيمة
سأغني لرفاقي في البلاد الآسيوية
للملايو ولباندونق الفتية
للجبال الزرق في غابات كينيا والملايو
وتمجد القصيدة فيما تمجد أواصر النضال المشترك بين دول العالم الثالث إبان عنفوان وتوهج حركات التحرر في أفريقيا وآسيا ، حيث كان للهند والجزائر ومصر واندونيسيا والسودان دور بارز ضمن منظومة عدم الانحياز و تصل مقاطعها إلى الجزائر :
هاهنا ينتظم القوس الموشى من كل دار كل ممشى
نتلاقى كالرياح الآسيوية كصدى الطبول المغربية
يا دمشق كلنا في الهم والأفراح شرق
ويحط الشاعر الحسين الحسن رحاله في وادي النيل مناديا :
مصر يا أخت بلادي يا شقيقة
يا رياضا عذبة النبع وريقة
يا حقيقة
ملء روحي أنت يا أخت بلادي
سوف نجتث من الوادي الأعادي
فلقد مدت لنا الأيدي الصديقة
وجه غاندي وصدي الهند العريقة
صوت طاغور يغني ويغني .
مرت العلاقات السودانية المصرية بمراحل وتطورات عديدة برهنت في كل أشكالها ومظاهرها على واقعية العلاقة وحتميتها وخصوصيتها بأكثر مما يمكن أن تكون عليه العلاقة بين أي بلدين آخرين تربط بينهما أواصر وروابط خاصة. فالعلاقات السودانية المصرية علاقات متجذرة في عمق التاريخ رغم ما يشوبها من توتر هنا او هناك بسبب سياسات الأنظمة المتعاقبة
زيارة إلى التاريخ
يقول البعض إن العلاقات السودانية المصرية ضاربة في التاريخ وهذه المقولة ليست حديثا مرسلا بل هي حقيقة يقف التاريخ بكل وقاره شاهدا على وقائعها وهو يكشف عبر دراسات تاريخية موثقة ومتخصصة أجراها باحثون سودانيون عن حصيلة أكثر من خمس آلاف سنة من العلاقات المصرية السودانية حفظتها النقوش الفرعونية في مصر وبعض المناطق الأثرية في السودان في مملكة كوش وفي مروى والنقعة والمصورات الخ بالإضافة إلى الهياكل العظمية في المقابر الفرعونية والمصرية والتي تعود للأصل الزنجي و الحامي والمعدات النحاسية كالإزميل ، وحبات الخرز في السودان بالإضافة إلى العاج وريش النعام في مصر ،ما دل على وجود تبادل تجاري بين البلدين منذ فجر التاريخ .
وتدلل تلك الدراسات أن السودان ارتبط بمصر بطريقة مباشرة في أعقاب الهجوم الذي قاده الملك سنفرو عام 2750 ق.م وهي المعركة التي تمكن بعدها سنفرو من السيطرة على السودان.
ومن أشهر الحكام المصريين الذين حكموا في السودان الملك يونا 2423 ق.م الذي اشتهر بالعدل وحسن الإدارة بالإضافة إلى فتوحاته في السودان كما اهتم بتيسير التجارة والتبادل حتى كثر تصدير العاج ، ريش النعام ، العطور ، اللبان والخشب لصناعة السفن. ويذكر أن الرحالة حارخوف تجول في الأراضي السودانية حتى وصل إلى أعالي النيل جنوبا وإلى أقاصي الغرب وحمّل قافلة بمختلف محصولات تلك البلاد النائية مما فتح سبيلاً جديداً بين البلدين.
وتذكر تلك الوثائق التاريخية أيضا أن العلاقات بين البلدين توثقت أكثر في الحقبة التاريخية من 3000 ق.م وحتى 900ق.م وسادت النظم المصرية في السودان من النواحي الإدارية من حيث تقسيم المناطق وحامياتها وكان هناك الموظفون ومعظمهم من المصريين وقليل منهم من السودانيين، كما تركت القبائل السودانية تحت زعامة ملوك العشائر ولكن محاولاتهم للانفصال عن مصر كانت تقاوم بشدة. ولجأ المصريون إلى حمل أبناء الزعماء السودانيين إلى مصر كرهائن حيث وجدوا مكانة عالية ونشأة كأمراء المصريين بالإضافة إلى التعليم.
وتمضي السير التاريخية في سرد تلك الوقائع التاريخية التي تتناول خصوصية تلك العلاقات بين شطري الوادي حيث انه ومنذ بداية القرن العاشر ق.م بدأ تحول من نوع آخر فدارت دائرة الضعف على الدولة المصرية القديمة فانتهز حكام السودان النوبيين الفرصة واستقلوا عنها، وأسسوا مملكتهم النوبية وأصبحوا ملوك النوبة وازدادت وتوسعت سلطتهم تدريجياً وتولوا رعاية الإله المصري آمون ، ثم اعتبروا أنفسهم مسؤولين عن البلاد بين البحر المتوسط و أواسط السودان.
وكان من أهم ملوك السودان في تلك الفترة الملك بعانخي الذي حكم السودان سنة 751 ق.م. وكان متأثراً بالحضارة المصرية كما كان يدين بديانة آمون. وقد سعى إلى ضم مصر إلى مملكته في السودان فأرسل حملة قوية حوالي سنة 730ق.م على إثر أنباء الفوضى التي دبت في مصر كما ورد إليه أن الملك تافنخت أحد ملوك الدلتا جهز جيشاً لطرد السودانيين فأرسل إليه بعانخي جيشاً قوياً أجبر تافنخت على التحصن في إحدى المدن فخرج إليه بعانخي من العاصمة السودانية ( نبتة ) حتى وصل إليه وحاصره بجيوشه لثلاثة أيام ، فتمكن منه ودانت البلاد من نبتة جنوبا حتى البحر المتوسط شمالاً للملك بعانخي.
كان الحكم السوداني عهد رخاء وسلام للبلدين عاش فيها ملوك السودان والفراعنة المصريين في تواصل وتأثر مستمر حتى أن دفنهم كان يجري على الطريقة الفرعونية داخل أهرام ولكن هذه الأهرام أصغر حجماً من تلك الموجودة في مصر، ولا تزال بعض هذه الأهرامات موجودة حتى يومنا الحالي في مدينة مروي السودانية إحدى البقاع الأثرية في السودان .
استمر الحكم السوداني في مصر مدة 80 عاماً. وانتهى على أيدي الآشوريين الذين استولوا على مصر بعد عدة معارك كان النصر فيها سجالا. عقب تلك الفترة انتقلت العاصمة إلى مروي نسبة إلى قربها من السهول والحاصلات الزراعية و الثروة الحيوانية وكانت ملتقىً تجارياً هاماً بين شرقي السودان وبقية أرجاءه.
اهرامات البجراوية شمال الخرطوم
ازدهرت مروي في القرن الثالث ق.م ازدهاراً كبيرا حتى أن اليونانيين الذين تطورت علاقتهم بالسودان في تلك الحقبة اعتبروها من أهم مصادر الحضارة المصرية.
واتسعت مروي وكثرت مبانيها وعرفت عند أهلها الكتابة باللغة المروية الأصلية، والتي لم تفك طلاسمها حتى الآن.
انطلاقا من هذا المشهد التاريخي يتضح أنه ربما لا توجد علاقات ثنائية بين دولتين في العالم العربي مثل العلاقات المصرية السودانية فى خصوصيتها وتاريخها وموروثاتها الثقافية المشتركة وادراكاتها النفسية ، وإن كانت إحدى المشكلات التى تواجه العلاقات المصرية السودانية في العصر الحديث تتمثل فى الفجوات النفسية ، خاصة البعد السياسي النفسي الذي يعد أخطرها لأنه يمثل إعادة إنتاج ارث من المشكلات التاريخية في وعى النخبة ، ولا يعنى ذلك التقليل من أهمية المشكلات المتراكمة الأخرى ومحاولات السعي لاحتوائها. هذه العلاقات لم تعد اليوم محل مزايدة أو مساومة بين جميع أطياف المجتمع السوداني بل محل إجماع لا يستثني حتى الجنوبيين الذين اختاروا الانفصال .
وقائع الأمس
في هذا السياق تطرق العالم واستاذ التاريخ الدكتور يونان لبيب رزق بمزيد من التفصيل لجوهر التواصل الشعبي بين البلدين في ندوة في الجامعة العمالية بمدينة نصر عقدت بعد منتصف التسعينات بمناسبة الاحتفال بذكرى تحرير الخرطوم في يناير عام 1889 وخلص رزق في تلك المحاضرة إلى مؤشرات هامة منها :
- أن هناك وقائع تاريخية كثيرة تكشف عن عمق التواصل الذي كان بين المصريين والسودانيين إبان الثورة المهدية سواء من خلال منشورات المهدي التي كانت تحض المصريين على التمرد ومقاومة الاحتلال البريطاني او من خلال الدعم والمساندة التي كان يقدمها المصريون للثوار السودانيين . وهو ما يدحض محاولات التشويش على تلك العلاقة .
- إدراك الإدارة البريطانية خطر مكاتبات المهدي الموجهة للشعب المصري من منظور ديني ووطني فعمدت على معاقبة المصريين في مناطق مصر العليا واتخذت التدابير لمنعهم من الالتحاق بحملة عبد الرحمن النجومي .
- مساهمات العرابيين في جميع مراحل الثورة المهدية ضد المستعمر البريطاني الذي كان يحتل كل من مصر والسودان ودور الشيخ أحمد العوام الذي أصبح أحد مستشاري المهدي ثم الخليفة بعد ذلك .
- وفي مرحلة النضال السياسي تمثل الإدراك الإعلامي السوداني لمصر في مظاهر عديدة حيث لعبت حركة الخريجين بشقيها الاتحادي والاستقلالي دورا أساسيا في ذلك كما كان للصحافة السودانية ولكتابات ومقالات السياسيين والمثقفين السودانيين حول النضال المشترك بين شعبي وادي النيل أثرا بالغا في الإيقان بحتمية العلاقات بين الشعبين . وقد حفظت صحف تلك الفترة نماذج هامة من هذه الصور الوحدوية
هاجس تطوير العلاقة مع مصر لم يغيب عن اهتمامات وأجندة السودانيين فكانوا كثيرا ما ينتهزون أي فرصة مواتية لطرح تلك القضية ففي ندوة حول العلاقات المصرية السودانية نظمتها جمعية وادي النيل بفندق موفينبك في ديسمبر 1997 قرب مطار القاهرة تناولت تلك الندوة جوهر العلاقة بين الشعبين والتي خلصت إلى خمسة محاور حللت من خلالها أسباب الاضطراب والتماس وسائل الاستقرار لتقوم العلاقات على أساس يعبر عن خصوصيتها ويحقق استدامتها .
شملت العوامل الموضوعية والذاتية التي تقوم عليها خصوصية العلاقة بين البلدين، العوامل الجيوسياسية ، العوامل الحضارية والثقافية ، العوامل الخارجية المؤثرة وأخيرا العوامل السياسية الهامة.
وخلصت الندوة إلى أن أمام مصر فرصة تاريخية أن تقوم بدور محوري وهام بحكم علاقتها بكل شرائح الشعب السوداني في دعم مطالب السودانيين في تحقيق الديمقراطية والسلام وتعميق أواصر الإخاء بين الشعبين من خلال دعم آليات الإدراك المتبادل وتعزيز المصالح والتنسيق المشترك في جميع المحافل، وأن تدرك مصر ان امنها القومي وعلاقاتها الأزلية مع السودان وكافة مصالحها الوطنية بل ودورها الحضاري لا يكتمل إلا بإحداث نقلة نوعية في العلاقات الشعبية والسياسية والاقتصادية بين البلدين والشعبين لأن الشعوب هي صاحبة المصلحة الحقيقة وهي قادرة على حراسة مصالحها.
ورغم ما حققته حقبة التسعينات من تعارف شعبي مباشر بين شعبي وادي النيل بحكم وجود شرائح مهمة من السودانيين في مصر في تلك الحقبة إلا ان كثير منهم يأخذ على وسائل الأعلام القومية في مصر التعامل الهامشي مع السودان مقارنة بوسائل إعلام عربية من صحف وفضائيات أخرى فضلا عن وسائل الإعلام الغربية التي تولي اهتماما بالشأن السوداني في كافة تفاصيله الثقافية والسياسية والاجتماعية .
هذا الإحساس لم يظل حبيسا لدى السودانيين بل نقله عدد من الكتاب المصريين وأثاره آخرون في العديد من حلقات الحوار المشترك حول العلاقات بين البلدين .
غير أن الباحث المصري د نبيل عبد الفتاح يقول في كتاب له حول العلاقات المصرية السودانية إن الصفوة السياسية المصرية تميل إلى تغليب الاعتبارات الأمنية في النظر إلى الملف السودانى ، وهو أمر يخالف الطابع المركب للعلاقات ، فى حين تنزع الصفوة السودانية إلى استثارة السلبيات فى اللعبة السياسية الداخلية إزاء مصر.
وينتقد الكاتب الاهتمام العرضي والهامشي من جانب الإعلام المصري والجماعة السياسية المصرية بالسودان والشؤون السودانية الداخلية وهو ما يمثل قطعا وانفصالا مع التقليد الثقافي السياسي التاريخي .
ويرجع الكاتب نقص المعرفة المصرية بالشئون السودانية للتمركز حول الذات المصرية ، ومن جانب آخر إلى نقص المعلومات والمعروض من الإنتاج الثقافى والإعلامي والسياسي والأدبي والبحثي السوداني ونشره .
ورغم الأزمة التي واجهت العلاقات بين البلدين بعد انقلاب الإنقاذ عام 89 بسبب هيمنة الإسلام السياسي على النظام فى وقت كانت مصر تواجه فيه أنماط من العنف السياسي ، بما خلق إدراكا لدى الصفوة المصرية الرسمية بان السودان أصبح ملاذا آمنا لقادة وكوادر الجماعات الإسلامية الراديكالية إلا أن رد الفعل المصري المعاكس جاء في صالح المعارضة السودانية بعد محاولة اغتيال الرئيس السابق مبارك في أديس ابابا قبل منتصف التسعينات والتي اتهم النظام السوداني بالوقوف من ورائها ، حيث أصبحت القاهرة منبرا نشطا من مناشطها وفرّ فرصة مواتية للتضامن الشعبي السوداني المصري وللتعارف المباشر بين المنظمات المدنية والسياسية والثقافية وبين الناشطين في كل القطاعات.
كانت هذه المحاولة واتهام النظام السوداني بدعمها مبررا كافيا للمصريين للسيطرة على منطقة حلايب وشلاتين كرد عملي على تلك المحاولة.
في تلك الثناء كان للحضور السوداني النوعي الكثيف في مصر وما أحدثه من تفاعل شعبي واهتمام من الصفوة المصرية وبعض شرائح المجتمع المصري تأثيره الإيجابي على العلاقات الشعبية ، إلا أن هناك من يرى أن العلاقات الثقافية الشعبية بين البلدين لا تزال تعانى من حالة انعدام حضور المثقفين السودانيين عن المشاركات الثقافية الفعالة حضورا وإبداعا وحوارا فى إطار منابر الإعلام والثقافة المصرية وذلك بالرغم من وجود مبدعين سودانيين ناشطين في الساحتين الإقليمية والدولية .
وقد خلصت كثير من تلك المداولات إلى أن بناء أشكال من التعاون المشترك بين منظمات المجتمع المدنى المصرية والسودانية وبناء علاقات تشابكية فيما بينهما أمر له أهمية كبرى لأنه يخلق مصالح ويبنى خبرات ويبلور تطلعات مشتركة،. فضلا عن تواصل منظمات المجتمع المدنى المصرية – السودانية كل ذلك يمكن أن يكون مدخلا حيويا لتجديد العلاقات الحيوية ، خاصة وان هناك استعدادا وجدانيا لتحقيق ذلك في عالم يتجه بكلياته نحو التكتل الإيجابي. لقد شابت العلاقات على سبيل المثال مسلمات من الوهم فعلى سبيل المثال تاريخيا شاب العلاقة بين حزب الأمة ومصر الرسمية في أعقاب معركة الاستقلال التي كان يقودها حزب الأمة تحت شعار الحركة الاستقلالية “السودان للسودانيين” بعضا من سوء الفهم توارثته الإدارات السياسية الرسمية المختلفة في مصر .
ورغم الجهود التي قادها الرعيل الأول من قادة الحركة الإستقلالية لإزالة تلك الشوائب إلا أن ركاما ظل عالقا على جدار العلاقة غذته بعض السياسات التي عبرت عن نفسها بوضوح إبان أحداث الجزيرة ابا وودنوباوي والتي اتهم فيها حزب الأمة القيادة السياسية في مصر آنذاك بدعم نظام جعفر نميري بطائرات قصفت المعارضين من ثوار حزب الأمة وإمامهم الذين كانوا ينهاضون نظام نميري في سبعينات القرن الماضي .
لقد أتاح وقوع انقلاب الإنقاذ (البشير) لحزب الأمة فرصة ذهبية للتعارف السياسي والفكري مع مصر الرسمية ومصر الشعبية أذابت كثيرا من ركام الماضي وقد نجح زعيم حزب الامة السيد الصادق المهدي بعد خروجه من السودان واستقراره في مصر في نقل حزب الأمة من دائرة الاتهام التي وضع فيها لعقود بتعثر علاقته مع مصر إلى مركزمتقدم من الثقة والتقارب الحميم عبرت عنه كثيرا من المواقف والأحداث والتطورات والعلاقات والأنشطة المتصلة .
وأصبح لحزب الأمة صورة مشرقة في مصر كحزب سوداني متميز باجتهاداته السياسية والفكرية ومبادراته الثقافية وأطروحاته الوحدوية التي استلهمت وربطت ماضي العلاقة بحاضرها المتجدد، بل أن العلاقة بلغت قدرا كبيرا من التقدم والثقة بين تيارات وأحزاب المجتمع المصري وبين حزب الأمة بلغت أوضح صورها في اتخاذ زعيم حزب الأمة للقاهرة مقرا له شبه دائم يمارس من خلاله تواصله السياسي والإجتماعي لدرجة أهلته لأن يكون مبادرا لحل خلافات مصرية سياسية بين الحكومة والمعارضة المصرية بعد الثورة المصرية في أن يسعى بين الزعماء المصريين لتقريب وجهات النظر بينهم حول أزمة الدستور، مايدل على عمق ثقة جميع الأطراف في دور زعيم حزب الأمة وصدقه وموضوعيته أو بصفته الفكرية والسياسية كرئيس للمنتدى العالمي للوسطية ( منتدى إسلامي ).