11/7/2020
• بعد سقوط النظام البائد واجهت الحكومة تحديات إقتصادية صعبة تمثلت في وجود أزمه إقتصادية كبيرة إنعكست سلباً على البلاد ومعيشة المواطنين.
بعد إنتصار الثورة طرح “البدوي ” ميزانيه واضحة وطموحة تضمنت بشريات للمواطنين منها مضاعفه الصرف علي التعليم وتوفير وجبة مدرسيه وتضمنت أيضًا مجانية التعليم والصحة في المدارس والمستشفيات الحكومية وزيادة المرتبات بنسب كبيرة وتوفير اكثر من ٢٥٠ الف وظيفة للشباب وبرنامج اجتماعي لدعم الأسر الفقيرة لعدد ٤ ونصف مليون أسرة وتطوير برامج الدخل الأساسي وإضافة مليون أسرة في التامين الصحي في العام الجديد بالإضافة الي تقديم الكفالة النقدية لعدد ٢٠٠ الف طالب جامعي وقد اقرت الميزانية مبدأ التمييز الإيجابي للولايات المتأثرة بالحروب، وذلك بتخصيص نسبة ٧٪ لهذه الولايات . كذلك شملت الميزانية إنشاء صندوق التنمية والإعمار والذي سيوجه للولايات المتأثرة بالنزاعات مع تخصيص مبلغ مليار جنية للدمج والتسريح قابل للزيادة في بند حفظ السلام.
لقد كان د. البدوي واضحًا اكثر من غيرة ودافع عما يراه يمثل مخرجا للاقتصاد السوداني مستندا علي قواعد اقتصادية واضحة، وتحمل في سبيل ذلك سيلًا من الشتائم والنقد الشخصي وتقليل الشأن ومختلف أشكال المضايقات وواجه كل ذلك بالإنابة عن كل الحكومة.
كلنا نعلم ان حمدوك هو من اختار وزير مالية حكومته وهذا يفترض ان البرنامج الاقتصادي هو امر متفق عليه وهو برنامج حمدوك قبل ان يكون برنامج البدوى. ومن الطبيعي لأي دولة تعاني من اختلالات هيكلية أن تتبني روشتة وطنيه يتفق عليها جميع القوي السياسية والمجتمعية من اجل معالجة الأزمة. وليس منطقيًا ان يوصف برنامج الإصلاح الاقتصادي بانه “برنامج البدوي”، لان قرار الإصلاحات الإقتصادية هو سياسي بالدرجة الأولي وكان من المفترض ان تتفق الحكومة والحرية والتغيير على برنامج اقتصادي مشترك . ومن غير المقبول ان تعمل الدولة بميزانية معطله في كثير من بنودها حتى وصل الأمر درجة مطالبه بعض أعضاء اللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير بتسيير مليونيه لمناهضة السياسات الإصلاحية للاقتصاد. ومن غير المعقول ان تسير الحاضنة السياسة حكومتها بمواكب، وكان من الأجدى ان تتفق مكونات الحكومه علي سياسة اقتصادية واحدة وعدم ارباك الشارع . فالذي بين الحكومة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي محادثات وتفاهمات بناء علي رغبة السودان ويمكن للحكومة وقفها بقرار سياسي
يتحدث بعض أعضاء لجنة الخبراء لقوى الحرية والتغيير عن بدائل لسد العجز فى الموازنة لكن جميع هذه البدائل تصلح كإصلاحات مالية لازمة لدعم إستقرار الإقتصاد علي المدى الطويل نذكر منها ( الإصلاح الضريبي وتجريم التجنيب وسيطرة الدولة علي الذهب و إنشاء بورصات للذهب والمحاصيل …إلخ)، لكن المطلوب في هذه المرحلة خطة عاجلة من أجل الإنقاذ المالي.
هناك حديث كثير عن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. والمطلوب توضيحه هو ان مجموعة البنك الدولي تقدم التمويل والمشورة بشأن السياسات والمساعدة الفنية للحكومات، كما تركز على تدعيم القطاع الخاص في البلدان النامية. ويتتبع صندوق النقد الدولي الاقتصاد على الصعيد العالمي وفي البلدان الأعضاء، ويقدم قروضا للبلدان التي تواجه مشاكل في ميزان المدفوعات، ويقدم المساعدة العملية للبلدان الأعضاء. ويجب على البلدان أن تنضم أولا إلى الصندوق كي تتأهل للانضمام إلى مجموعة البنك. واليوم يبلغ عدد أعضاء كل منهما 189 بلدا عضوا. وعليه فهي لا تتدخل الا بطلب من الدولة المعنية . وعليه تكون شعارات من شاكلة “لن يحكمنا البنك الدولي ” هي شعارات من اجل الاستهلاك السياسي فقط. فبإمكان السودان تعليق تفاهماته مع مجموعه البنك الدولي بقرار سياسي. كما يجب ان يعلم المزايدون ان السودان عضو في المنظومة الدولية وهذا يتطلب التعاون مع هذه المؤسسات بما يتماشي مع مرتكزاتنا وشروطنا من اجل الاستفادة من هذه المؤسسات لما لها من دور إيجابي في تطوير وتنمية الدول الأعضاء .
ومن المعروف ان اغلب الدول التي عانت من ” انهيار العملة ” واختلالات هيكلية في الاقتصاد تبنت برامج إصلاح اقتصادية قاسية من اجل عبور الأزمة . فعلت ذلك المكسيك في ١٩٩١م عندما تلقت مساعدات في حدود ٥١ بليون دولار من مجموعه البنك الدولي والصناديق الإقليمية وأمريكا . ونجحت في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والنمو وعبور الأزمة.
و نجحت مصر في تحقيق نتائج إيجابية في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادى فى عدد من المستويات منها البطالة ومؤشرات التنافسية، ومعدلات النمو الاقتصادي المصري الذي احتل المركز الثالث على مستوى العالم وفقاً لقائمة “إيكونوميست” في الربع الثالث لعام 2019.
واعتمدت دولة غانا في ٢٠١٧ سياسة إنقاذ مالي تقوم على خفض نسبة الديون، والاتجاه إلى الإصلاح الاقتصادي من خلال محاربة الفساد، وإصلاح منظومة الضرائب بعيدًا عن الاقتراض الداخلي، مع زيادة ايرادات البلاد .
ختامًا يجب علي رئيس الوزراء وحكومته الاتفاق مع الحرية والتغيير علي برنامج اقتصادي مشترك والمضي قدمًا في مواجهة التحديات وخلق الاستقرار السياسي اللازم وحسن إدارة الموارد من اجل تحقيق نتائج اقتصادية إيجابية في هذه الفترة.