اوردت صحيفة ايلاف الاقتصادية تقريرا مطولا حول ميزانية 2020 المعدلة وذكرت الصحيفة ان الميزانية المعدلة تمت اجازتها من مجلس الوزراء وستعرض خلال الايام القادمة على الجهاز التشريعي والذين يتكون من المجلسين السيادي والوزاري في غياب المجلس التشريعي الانتقالي والذي لم يولد بعد .
الان تأكدت لماذا هذا التباطوء في تكوين المجلس التشريعي الانتقالي ..لو كان لدينا مجلس تشريعي انتقالي لما استطاعت الحكومة تمرير مثل هذه التعديلات التي تمثل حقيقة قنبلة موقوته في وجه ثورة ديسمبر .
وقبل ان ندلف الى الارقام المزعجة والمخيفة والكارثية الواردة في الميزانية المعدلة دعونا نسأل … هل من حق مجلس الوزراء بشكله الحالي اجازة هذه التعديلات ؟ كل الوزراء الان وزراء مكلفون لحين تكوين مجلس الوزراء الجديد .. اذن كيف وبأي حق يجوز لهم اجراء هذه التعديلات ؟؟
الاحتمال الوحيد القابل للتصديق ان المجلس قبل حله قام بالموافقة على هذه التعديلات ولم يتم الاعلان عنها الا الان . عدا هذه الفرضية فيعتبر ذلك احراء غير قانوني قبل تكوين الحكومة التتفيذية الجديدة .. افتونا يا اهل القانون في ذلك .
لا اريد ان ازعجكم بأرقام الميزانية المعدلة لانها فعلا مزعجة ومحبطة للغاية .. يكفي ان اقول لكم ان اسعار الوقود سترتفع مرة اخرى وبنسبة 25% بمعنى رفع الدعم عن الوقود بنسبة 75% ( في المرة الماضية تم رفع 50% والان سيتم رفع 25%)
الغريب في الامر ومنذ النظام السابق وحتى الان الحكومة لا تقول لنا بكم هي تستورد برميل البترول ؟ فقط يقولون لنا سنرفع الدعم عن البنزين والجاز ؟ قبل الحديث عن ارقام الدعم قولوا لنا بكم تستوردون برميل البترول وبكم تدعمونه ( نحن ما عندنا قنابير في راسنا يا حكومة) .!!!!!
الميزانية تقول ان الدولة تدعم الوقود بمبلغ 200 مليار جنيه وحسب الميزانية المعدلة الحكومة تريد تخفيض مبلغ الدعم الى 49 مليار جنيه لذا قررت زيادة اسعار المحروقات بالنسبة التي ذكرتها اعلاه .. مازال السؤال قائما بكم تستورد الدولة برميل البترول في ظل التدني المريع في اسعار البترول عالميا؟؟؟؟
ايضا الميزانية المعدلة ستقوم بتخفيض الدعم عن الكهرباء من 17 مليار الى 10 مليار جنيه اي ان فاتورة الكهرباء ستزيد بنسبة 41% للمستهلك .
الميزانية المعدلة تقول ان عجز الموازنة كان مقدرا له 61 مليار جنيه حسب الميزانية الاساسية ولكنه ارتفع الى 200 مليار جنيه وقطعا سيتم سداد هذا العجز من البنك المركزي لذا ارتغعت نسبة الاستدانه منه الى 330% .. طبعا يبقى الحديث هنا عن نسبة التضخم ترف لا طائل من وراءه !!
الميزانية المعدلة ايضا سترفع سعر الصرف الرسمي الى 120 جنيها للدولار !!!! هل يعقل هذا .. تبرير وزارة المالية انهم يريدون توحيد سعر الصرف وهذه كلمة حق اريد بها باطل الحكومة سترفع سعر الصرف الى 120 والسوق الموازي سيرفعه الى 200 جنيه .. تجارب ثلاثون سنة تقول ذلك .. ببساطة اذا كانت الدولة لديها دولار او ايرادات دولاريه فسينخفض سعر الدولار دون تدخل من اي جهه .. هكذا تقول نظرية السوق المفتوح الذي تتبناه حكومتنا الانتقالية واي كلام خلاف ذلك يعتبر حرثا في البحر .
من النقاط الطريفة ( وشر البلية ما يضحك) في الميزانية المعدلة تقول ان انخفاض سعر البترول عالميا لديه اثار ايجابية وسلبية في موازنة الدولة ..
الاثار الايجابية تتمثل في تقليل فاتورة استيراد المواد البترولية وكذلك انخفاض نسبة الدعم الحكومي لهذه الفاتورة
اما الاثار السلبية فتتمثل في تراجع الرسوم الادارية وتراجع رسوم عبور بترول الجنوب وانخفاض مساهمة ايرادات النفط المحلي وانخفاض تحويلات المغتربين وانكماش الصادر السوداني لانكماش اقتصاديات الدول البترولية التي كانت تستورد من السودان .
الميزانية المعدلة ارجعت كل الارتباك الحادث في ميزانية 2020 لنقاط اساسية
1/ استمرار وجود السودان في القائمة السوداء للارهاب
2/ استمرار الدعم الحكومي للسلع
3/ تعدد اسعار الصرف
4/ جائحة كورونا
وللاسف الشديد لم تجرؤ وزارة المالية ان تضيف السبب الجوهري وهو عدم الولاية الكاملة لوزارة المالية على مال الدولة … كفاكم دفنا للرؤوس في الرمال .
والاسف الثاني ان وزارة المالية بدأت في تطبيق روشتة البنك الدولي بكل تفاصيلها قبل ان تجد فلسا واحدا من البنك ولن تجد فلسا واحدا من صندوق النقد قيل رفع اسم السودان من لائحة الارهاب وقبل ان تضع وزارة المالية ولايتها الكاملة على الاموال الحكومية وعلى الشركات الرمادية والشركات الامنية بمختلف مسمياتها وشركات الاتصالات
هذا او الطوفان يا وزارة المالية