أكد عضو في لجنة الخبراء الاقتصاديين بتحالف الحرية والتغيير عدم وجود عدالة في تطبيق القانون على الشركات الحكومية، موضحاً أن هناك شركات تتمتع بامتيازات وإعفاءات مدى الحياة، وغالبية شركات المساهمة لا تنعقد جمعياتها العمومية بصورة منتظمة، مطالباً بعودة ولاية جميع الشركات لوزارة المالية لتتحكم في مصروفاتها وإيراداتها لتدخل الدورة المالية للدولة.
ونحن بدورنا في هذه “المنصة الحرة”، ظللنا أكثر من 11 عاماً نتحدث عن التشوهات التي كانت تتم في الاقتصاد السوداني، وكيف بدأت الشركات الحكومية في منافسة صغار التجار في السوق، لدرجة أن تدخل شركة مثل “جياد” في مجال استيراد اكسسوارات الكمبيوتر والموبايل جنباً إلى جنب مع الأفراد، ما أجبر عدد كبير من الخروج من السوق والاغتراب أو الهجرة، بعد أن فشلوا في منافسة الشركات الحكومية التي لا تدفع الجمارك والضرائب والرسوم، وتبيع البضائع بأسعار رخيصة، وبذلك انعدم مبدأ “المنافسة” في السوق، وكل هذا بسبب عدم وجود أنظمة تحمي المواطن من جشع النظام البائد، والأمثلة كثيرة.
واليوم، عندما نشاهد قيادات في تحالف الحرية والتغيير “الحاضنة السياسية للنظام”، تطالب وتشدد وتشجب وتدين جنباً إلى جنب معنا في المنصات الإعلامية المختلفة، من الذي سيغير الأنظمة، ومن الذي سيقود الحكومة الانتقالية؟ ألا تدري قيادات “الحرية والتغيير” أنهم قادة النظام الآن، ولهم كامل الصلاحية في إصلاح التشوهات الموروثة منذ العهد البائد، ويجب عليهم اختراق هذا الواقع بشجاعة ودون أي تأخير، وإلا فليفسحوا المجال لقادة شجعان ليبدأوا عملية التغيير.
في تقديرنا، العقبة الأساسية الآن أمام إحداث اختراق حقيقي في الواقع الاقتصادي، هم قادة الفترة الانتقالية، لأنهم للأسف لم يستخدموا التفويض الثوري الذي منحناهم له، وظلوا يتحدثون عن عقبات وأنظمة مشوهة وخراب اقتصادي كأنهم إعلاميون وليسوا مسؤولين، فما يطالبون به ويتحدثون عنه، كتبنا عنه مراراً وتكراراً ونعرفه، ونحفظه عن ظهر قلب، ولم نفوضهم ونمنحهم ثقة الثورة، ليطالبوا ويشجبوا ويدينوا، بل ليغيروا، نعم يغيروا هذا الواقع ولهم كامل التفويض والصلاحيات، وإلا لماذا نصرف المليارات من مال الشعب كمرتبات وسيارات ووقود ونثريات وحوافز ومنازل ومستشارين ومدراء مكاتب وسكرتارية.. إلخ.. أليس من أجل تغير الأنظمة وإصلاح التشوهات؟ وليس من أجل الحديث في الندوات والمؤتمرات للشجب والإدانة والمطالبة.
بكل أمانة، استمرار الامتيازات والإعفاءات الممنوحة للشركات الحكومية مدى الحياة، تقصير واضح من “الحاضنة السياسية”، وهذا الأمر لا خلاف حوله، والحديث عن عقبات ومتاريس يضعها الشق العسكري، كلام غير صحيح، و”شماعة” لتعليق فشلهم فعلاً كما قال الفريق البرهان، والترويج باستمرار لأحاديث عن محاولات انقلابية أو التخطيط لعمل انقلاب عسكري من جانب الشق العسكري، ضرب من الخيال، وبعد ثورة ديسمبر لن يحكم السودان عبر “انقلاب” مرة أخرى، ونتمنى حقيقة الخروج من هذا “الوهم”، والعمل بجدية في اتجاه التغيير.
جميعنا متفقون على أن كل الأنظمة التي وضعها النظام البائد غير سليمة، وكثير من المنظمات والشركات تعمل حتى اليوم وفقاً لتلك الأنظمة، والمطلوب الآن وبشكل عاجل من قيادات “الحرية والتغيير” و”مجلس السيادة” بشقيه المدني والعسكري، ومعهم السادة الوزراء، ومديري الهيئات، مكاشفة الشعب بشفافية تامة عن أي عقبة تقف ضد تغيير هذه الأنظمة الموروثة، ولماذا ما زالت سارية المفعول حتى اللحظة، ولماذا لم يتم تغييرها، وأي حديث عن أن الأنظمة الموجودة تحمي نفسها، ولا يمتلكون صلاحيات لتغييرها، هو اعتراف بفشلهم في أن يصبحوا قيادات في قامة “ثورة ديسمبر المجيدة”، وبذلك انطبق عليهم المثل القائل، “وقف حمار الشيخ في العقبة”، وبذلك وجب تغييرهم وافساح المجال لقادة جدد لهم القدرة على التغيير وفقاً لصلاحيات الشرعية الثورية.. ولنا عودة.. حباً ووداً.
manasathuraa@gmail.com