ذات يوم دخل معي أولادي وبناتي من”شباب السوداني”عبر الواتساب في دردشة مفتوحة عن بعض محطاتي المهنية في بلاط صاحبة الجلالة (الصحافة).
هذه الدردشة التي استمرت أكثر من ساعة عن الصحافة والصحفيين أعادت لذاكرتي بعض المواقف المهنية التي مازالت عالقة بالذاكرة، أورد جانباً منها هنا لشباب الصحافيين والصحافيات، تتعلق بالمنافسة المهنية في مجال التغطية الصحفية الميدانية، التي ما زلت أحبها وأراها ضرورية لبناء القدرات وإكتساب الخبرات العملية.
أتاحت لي التغطبات الميدانية الفرصة لزيارة كثير من بلدان العالم وكثير من ولايات السودان، بعضها كان في ظروف أمنية صعبة لا تخلو من مخاطر، مثل الزيارات الصحفية لولايات الجنوب قبل تحقيق السلام، وقبل قيام دولة جنوب السودان.
من بين التغطيات التي لا أنساها تغطية زيارة الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري عليه رحمة الله إلى تركيا ورومانيا، كنت موفداً من جريدة(الصحافة)، وكان التنافس بينها بين (الأيام) ووكالة السودان للأنباء التي كانت تتميز علينا بأن مندوبها كان يحمل معه جهاز إرسال “لاسلكي” قبل انتشار الوسائط الالكترونية الحديثة والهواتف الذكية .
إبان حفل العشاء الذي أقيم لنا بالفندق الذي نزلنا في التقيت وزير الخارجية آنذاك محمد ميرغني، وعرضت عليه فكرة كتابة خبر عن اختتام الزيارة لتركيا بتصريح منه يتضمن ماتم من اتفاقات .
في ذات المساء اتصلت بمنزل السفير جلال العتباني، وتفضلت زوجته مشكورة باستلام الخبر عبر الهاتف، اسمحوا لي بتحيتهما من هنا، فقد تم إرسال الخبرلـ(الصحافة) وأبرزعلى صدر الصفحة الأولى بالطبع، وكالعادة جاء في النشرة الخاصة التي كانت ترسل للرئيس انذاك يومياً، وفوجئ حتى مندوب (سونا) بخبر اختتام زيارة تركيا وما تم فيها من إتفاقات بتصريح خاص لـ(الصحافة) من وزير الخارجية.
الآن أصبحت وسائل الاتصال في متناول “اليد” وازدادت حدة التنافس بين الصحف الكثيرة، مع كثرة الوسائط الإعلامية الإلكترونية الأسرع في نقل الأخبار، لكن يظل”نفس” الصحفي هو الذي يعطي للخبر نكهته المميزة، إضافة إلى فدرته الذاتية على التقاط الخبر الأهم وسط زحمة الأحداث.
بفضل وسائل الإعلام الإلكترونية الحديثة والإمكانات الهائلة التي توفرها للصحفي، أصبح متاحاً له نقل الحدث مصحوباً بالصورة الحية من موقع الحدث، بينما كنا في ذلك الزمان نعتمد في نشر الصور على طيب الذكر قسم التصوير الفوتغرافي بوزارة الثقافة الإعلام ، الذي كان يمدّ الصحف بالصور الخبرية لأهم الأحداث.