نحن الاآن على بعد أيام قليلة جداً من بداية موسم الشتاء، وحكومتنا ومعها الشعب كله مشغولون بالتطبيع أو عدم التطبيع مع اسرائيل، كأن التطبيع سيفتح علينا كل الابواب الموصدة.
لست مع التطبيع ولست ضده، ولن أشغل نفسي بهذا الأمر، وهي ليست أولوية الآن؛ لأنني على قناعة كاملة بأن دولة إسرائيل ومعها الولايات المتحدة لن يأتوا ليزرعوا لنا القمح والفول والسمسم.
القمح والفول والذرة والسمسم يتم زراعته بسواعد ابناء ورجال هذا الوطن. هذه هي الحقيقة المجردة والبعيدة من كل التجاذبات السياسية. وبأختصار شديد: اذا لم ننتج لن نتقدم واذا لم نزرع طعامنا بأيادينا لن تنفعنا أيادي اسرائيل او الولايات المتحدة مهما مدت لنا.
نعود لاصل المقال ونسأل: ماذا أعدت وزارة الزراعة لهذا الموسم، الذي بات قاب قوسين او ادني؟ والموسم الشتوي هو الأهم وهو الموسم الذي يزرع فيه أهم المحصولات الزراعية التي يعتمد عليها الشعب في غذاء عامه الكامل، مثل: القمح، والفول المصري، والبصل، والتوم …. الخ .
للاسف الشديد المعلومات التي وردتني من الولاية الشمالية، وهي الولاية الام في زراعة معظم المحاصيل الشتوية لا تبشر بأي خير . انعدام شبه كامل للسماد المركب (داب) وهو سماد اساسي لبداية الزراعة. أزمة جازولين حادة، ولكي نكون صادقين نقول سوء في التوزيع، وتوقف معظم الآليات الزراعية التي تعمل في تحضير الارض أما لعدم توفر الجازولين او لعدم توفر قطع الغيار .
والمتوافر من هذه الآليات اصبحت بعيدة المنال بالنسبة إلى المزارع البسيط لارتفاع تكلفة تحضير الأرض للفدان الواحد. اضف الى ذلك أن هناك مساحات واسعة جداً من اراضي حوض السليم (المركز الرئيس لزراعة الفول والبهارات المختلفة) مازالت مغمورة بمياه فيضان النيل.
هذا هو الوضع في الولاية الشمالية وهي الولاية الام في الزراعات الشتوية . البداية للموسم الشتوي متعثرة جدا . نحن نعول كثيرا على حكومة الولاية المدنية ان تجتهد اكثر للحاق بهذا الموسم قبل فوات الاوان .
هذا ما كان من أمر الولاية الشمالية .. فكيف هو الحال في الولايات الأخرى، وبالذات ولاية الجزيرة ومشروعها العملاق. تبقى شهر واحد فقط لبدايه الري الأول لمحصول القمح في مشروع الجزيرة وهو الأسبوع الاول من شهر نوفمبر . ايضا الاخبار التي ترد من هناك حتى اللحظة غير جيدة .. انسداد لكثير من قنوات الري وعدم توفر المعدات والاليات لتحضير الارض … الخ من المشاكل السنوية التي تعترض بداية الموسم الزراعي. وقد استبشرنا خيراً باستلام الادارة الجديدة لمشروع الجزيرة، ونأمل أن تأتي هذه الادارة بفكر جديد وطرق مستحدثة لمعالجة الأزمات السنوية والمتكررة في المشروع وأن يعود مشروع الجزيرة إلى سابق عصره.
اتمنى ان ينتبه مجلس الوزراء قليلاً، ويعطي هذا الموسم ما يستحقه من اهتمام ورعاية.
فالزراعة لها مواقيت محددة لا يجدي معها التسويف والمماطلة، ودكتور حمدوك وهو الخبير الزراعي يعلم جيداً أن أمر الزراعة مرتبط بمواعيد محددة. حلً إشكالات الموسم الزراعي ليس كأشكال تعيين والي كسلا وممارسة اسلوب (التطنيش ) ومد حبل الزمن لا يجدي مع الزراعة !!
انسوا التطبيع، وانسوا رفع اسم السودان من القائمة السوداء، وقوموا لزراعتكم .. بالزراعة وحدها يمكنكم إنقاذ السودان وشعبه .
التحية والإجلال لكل مزراعي بلادي، وأقول لهم: أنتم أمل هذا الوطن.
رمزي المصري