اليوم الثالث والعشرون من أيلول/سبتمبر، من كل عام تتكامل قيم الإنسانية من مشاعر وأحاسيس في الاحتفال الذي أقرّته الأَمم المتحدة يوماً عالميا للغات الإشارة؛ حيث هنالك عدد كبير من بني البشر حرموا من حاسة السمع لعلّة أو غير علّة، ولكن من حقّهم أن يتفاعلوا مع الأحداث والواقع في عالمهم ويمارسوا كل حقوقهم الطبيعية؛ مثلهم وبقية رصفائهم في الإنسانية، عليه فالوسيلة التي يتواصلون بها هي لغة الإشارة التي وسيلتها حركات بالأيدي وبعض إشارات الوجه دون صوت، فهي لغة خاصة لمجتمع خاص، ولغات الإشارة لغات مكتملة الملامح على الرغم من اختلافها هيكلياً عن لغات الكلام، والشيء المهم أن هنالك لغة إشارة دولية يستخدمها الصم في لقاءاتهم الدولية وأثناء ترحالهم، وممارسة نشاطاتهم الاجتماعية وهي عبارة عن لغة مبسطة وذات معجم لغوي محدود. ويعتبر اليوم العالمي للغات الإشارة فرصة نادرة لدعم وحماية الهوية اللغوية والتنوّع الثقافي لجميع الصم ومستخدمي لغة الإشارة الآخرين. وقد أصدر الاتحاد العالمي للصمّ مؤخراً (تحدّي القادة العالميين) في العام 2020، بهدف تعزيز استخدام لغات الإشارة من قبل القادة المحليين والوطنيين والعالميين، بالشراكة مع الجمعيات الوطنية للصمّ في كل بلد، فضلاً عن المنظمات الأخرى للصمّ.
ففي الاحتفال العالمي بلغة الإشارة تتجلّى معالم التضامن الإنساني بالوقوف مع هذه الشريحة المهمة في المجتمع، كما أن فيه اعترافاً بدورهم ومشاركتهم الفاعلة في مختلف ميادين التنمية البشرية. وقد تكون الحاجة أكثر إلحاحاًّ هذا العام لتوصيل كثير من المعلومات، بالذات في إطار الحماية من فيروس كورونا باتّباع الإشارات الصحية وغيرها لحمايتهم ؛ والتي تربو على الـ70 مليوناً؛ معظمهم في الدول النامية. وينبغي في الاحتفال باليوم العالمي للغة الإشارة التذكير بأن يتعاون جميع أصحاب المصلحة من الدول والمنظمات والمؤسسات العامة والخاصّة من أجل الوقوف بجانب هؤلاء الصم لإشراكهم في الأحداث المتجدّدة والمتكرّرة مع العمل على حثّ الجميع على أهمية التعرّف على لغة الإشارة حتى يخلق انسجام تام بين الصم والمجتمع، ومن الحقوق التي ينبغي أن يتمتع بها الصم أن تستخدم لغة الإشارة في وسائل الإعلام المرئية ويستحدث الجديد لتلبية حاجاتهم، حتى لا يعيشوا بمعزل عن مجتمعهم.
معهد جنيف لحقوق الإنسان في الاحتفال العالمي بلغات الإشارة يهنئ الصمّ بمناسبتهم الإنسانية هذه، ويرسل من خلال منصّة الاحتفال باليوم العالمي للغة الإشارة رسالته للدول كافة أن يأخذ الناجي منهم بيد أخيه، فالصمّ هم من بني جلدة الإنسانية وينبغي أن توفّر لهم كل ما يحقق لهم حقوقهم الإنسانية من تعليم ووسائل كسب عيش شريف، لجعلهم فاعلين في المجتمع لا عبئاً على ذويهم، بل يناشد معهد جنيف لحقوق الإنسان أن تنشط منظمات حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة للغة الإشارة في أيّ موقع في العالم تحقيقاً للعدالة الاجتماعية في سائر البلدان، ويطالب المعهد الدول كافة وخاصة دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تهيئ المناخ المناسب للصمّ مما يتطلب المزيد من الابتكارات للإشارات المنذرة بالمخاطر لتجنّبها، ويدعو معهد جنيف لحقوق الإنسان وبإلحاح للتمسّك بقرار الجمعية العامة لحقوق الإنسان الداعي إلى ضرورة الاستفادة المبكرة من لغة الإشارة والخدمات المقدمة بها، بما في ذلك التعليم الجيّد بلغة الإشارة، والذي يعد أمراً حيوياً لنمو أبناء الصمّ ونمائهم، ومطلباً بالغ الأهمية لتحقيق الأهداف الإنمائية المتّفق عليها دولياً وبما يضمن العمل مع الصمّ من باب الأخذ بمبدأ “لا غنى عن رأينا في أي شأن يخصّنا” ليسود مبدأ المساواة بين جميع فئات المجتمع دون تمييز.
جنيف 23 سبتمبر 2020م