في الأيام الأولى لتسلم دكتور أكرم التوم أعباء وزارة الصحة الاتحادية ظهر مرض حمى الوادي المتصدع في بعض قطيع الحيوانات في شرق السودان، وبعض مناطق دارفور . سارع دكتور أكرم (وليس وزير الثروة الحيوانية) بزيارة تلك المناطق، وعاد للخرطوم، وأعلن ظهور المرض بشكل رسمي، وأخطر منظمة الصحة العالمية بذلك.
كعادتنا واجه دكتور أكرم سيلاً عرمرماً من الانتقادات العنيفة والتوبيخ، وتم وصفه بعديم الخبرة والدراية، وانه يسعى إلى تدمير ووقف صادر الثروة الحيوانية، وأنه يعمل ضد اقتصاد الدولة، وضد الثورة الوليدة. ولكنه تحمّل كل ذلك، وأصر على موقفه، ونجح في خطته، وتم وضع خطة لمجابهة المرض وسط قطاع الحيوانات، وتم إعادة الصادر مرة اخرى .
وللاسف الشديد الان يتم إعادة عدد من بواخر صادر الثروة الحيوانية ليس بسبب حمى الوادي المتصدع، ولكن لأن الجهات المسؤولة عن الصادر لا تعرف الطريقة المثالية للشحن عبر البواخر!! مازالت البواخر تعود، وهي محملة بالضأن من ميناء جدة ومازال الفاعل مجهولاً حتى الآن .
نفس حمى الوادي المتصدع الذي تفشى وسط قطيع الحيوانات في عهد أكرم، تفشى الآن وسط البشر في عدة مناطق من مدن الولاية الشمالية في مروي والدبة والغابة والعفاض والقولد. وصباح كل يوم يكسب حمى الوادي المتصدع ارضاً جديدة، والحكومة تمارس سكوتاً وصمتاً مريبين، إلا من بعض المحاولات الخجولة من شاكلة إرسال وفد طبي للمناطق المتأثرة، وإرسال العينات للمعمل المركزي.
وفود طبية تذهب وأخرى تعود، وحالات الإصابة في تزايد مستمر، وايضاً حالات الوفاة في تزايد مستمر، وحتى الآن الحكومة لم تعلن بشكل رسمي انتشار حمى الوادي المتصدع في تلك المناطق .. دكتور أكرم أعلن ذلك عندما تفشى وسط الحيوانات، فما بالكم الان والمرض ينتشر وسط البشر!!
إضافة إلى ذلك ظهرت بعض الحميات المجهولة في بعض مناطق أقصى الشمال في عبري وقرى شمال وجنوب عبري، وحدثت وفيات هناك، وحتى الآن لم يتم تشخيص دقيق وتحديد ماهية هذه الحمى الغريبة . البعض يقول إنها حمى ملاريا، والبعض يقول إنها حمى كورونا، والمواطنون حائرون بين هذا وذاك ووزارة الصحة الولائية والاتحادية مازالت تمارس فضيلة الصمت!
لن أسكت ولن أتوقف من الترديد والكلام عن دكتور أكرم حتى يعلم القوم أي فتى أضاعوا.
وأذكّر الجميع ماذا فعل دكتور أكرم عند بداية ظهور الكوليرا في بعض مناطق النيل الأزرق، ذهب الى هناك بنفسه، وأشرف على علاج المرضى بنفسه، ولم يخرج من هناك الا بعد انتصر على المرض.
الآن حمى الوادي المتصدع تحصد الأرواح في عدة مدن بالولاية الشمالية، وظهور الحميات الغربية في عدة قرى ومدن منطقة السكوت، ولم نسمع ان الوزير المكلف او أحد كبار قادة الوزارة الاتحادية قرر الذهاب إلى هناك والاشراف على العلاج بنفسه .. أليس من حقى ان اردد بيت الشعر .. وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر؟
وغير بعيد من الموضوع تجولت امس ليلاً في عدد ٢٠ صيدلية من أكبر صيدليات الخرطوم بحثاً عن دواء معين للسكري وكانت الاجابة ( والله الدواء ده مقطوع وما في ).
أين الاقلام المأجورة التي كانت تسود صفحات الصحف ومواقع التواصل عن انعدام الأدوية عندما كان أكرم وزيراً للصحة .. انتهت مهمتكم بنجاح بعد اقصائه وسكتم؟ وهل استلمتم الحافز من الجهات التي كانت تدفعكم لذلك .. فقط اتمنى أن يكون حافزكم ضخماً بضخامة أكرم، وضخامة ما كان يود إنجازه في مجال الصحة .
عاجل الشفاء لأهلنا في الشمالية من هذا المرض اللعين.
رمزي المصري