لا احد يضمن لك اﻷمان ولا جهة توفر لك الرزق بل ولا يمكنك أن تعيش في سلام وطمأنينة مهما تعهدت لك كل الجهات ، تعرف لماذا؟ إذا لم تكن تعرف فأعرف اﻵن اﻹجابة الصادقة وهي أن كل شيئ بيد الله وهو وحده القادر علي تحقيق ماتطلبه أنت وفي كل الاوقات والظروف وأن كل من تظن انت انه هو صاحب الفضل إنما هو في الحقيقة أداة او وسيلة او وسيط سخره الله لمساعدتك ، مثلما أنت ايضا مسخر لمساعدة آخرين بكامل ارادتك او بدون تلك اﻹرادة .
السعي احد وسائل الكسب والتفكير والتدبير ايضا يساعدان في توفير الخدمات الضرورية بمافيها الامن واﻹستقرار والتواصل ، ولكنها بالتأكيد ليست المصدر الحقيقي لذاك الرزق ولا ذاك اﻹستقرار ، فالله وحده القادر أن يمنحك اﻷمان في الخطر و أن يسقيك رغم الجفاف وسط الرمال والحجر تسألني كيف ؟ فأذكرك بإنبجاس ماء زمزم تحت قدمي اسماعيل وهو طفل في وادي مكة القاحل وجبليها و بسلام ابراهيم عليه السلام وقد القوه في النار فجاء سلام الله وحفظه (يانار كوني بردا وسلاما علي ابراهيم ) ثم أمان موسي عليه السلام وهو رضيع وقد القته امه في البحر ، فكان حقا اﻷمان في الخطر مثلما كان الخطر في اﻷمان رغم سلطة وجبروت النمرود بن كنعان الذي نسب لنفسه الالوهية في ادعائه الشهير (انا احي واميت) فأظهر الله عجز النمرود بحشرة لاتري بالعين وطغيان فرعون وادعائه الربوبية (انا ربكم الاعلي) فجعل الله نهاية حكمه بطفل ينشأ داخل قصره وتحت رعايته .
سئل احد الصالحين هذا السؤال ( إذا كانت السماء قوسا والرامي هو الله ، فأين تكون النجاة؟) تأمل اجابة الرجل الصالح فقد لخصت الحقيقة وكشفتها لكل غافل فقد جاءت اجابته ( النجاة أن تكون مع الرامي) أي ان تكون مع الله ولاتبالي فهو وحده مالك كل شيئ الرزق والسلام والامان والشفاء والنجاح والرضا والقبول والرحمة.
لرحمة الله وفضله وكرمه وشفائه وحفظه رسل من الملأئكة والبشر وربما مخلوقات اخري ولها جميعا وسائل مباركة بترتيب الهي مدهش.
كقميص العناية الالهية والذي البسه جبريل لسيدنا ابراهيم فكان البرد والسلام ﻹبراهيم وهو في النار ثم نفسه قميص العناية اﻹلهية والذي منحته عمة سيدنا يوسف والبسته له وهو صبي لتدعي سرقته له لتتذرع ليبقي معها (لحبها الشديد) ليكون ذاك الموقف سببا لقول اخوته فيما بعد (إن كان سرق فقد سرق اخ له من قبل) وهو القميص الذي كان يلبسه يوسف لحظة القائه في الجب ، وهو نفسه القميص الذي طلب يوسف من اخوته القائه علي وجه ابيه ، فكانت بركته سببا في استعادة بصره.
وهي ذات البركة في عصا موسي التي ابتلعت كيد السحرة وكانت نفسها العصا التي ضرب بها موسي الحجر فتدفقت الماء في إثني عشر عينا ، وهي نفسها العصا ضرب بها موسي البحر فأنفلق لشطرين كالطودين بينها يبس لينجو بنو اسرائيل ويغرق الفرعون واتباعه .
الحبيب المصطفي هو اعظم رسل الله وأفضل البشر علي اﻹطلاق وقد سخر الله له كل الكون فأستخدم المنح الالهية بحكمة وتوازن يتوافق مع الوضع اﻷمثل لﻹنسان الصالح والعبد المخلص بعيدا عن الغلو والتطرف والقسوة وإنما اللطف والرحمة واﻹنسانية الرفيعة.
ولك ان تتذكر معي جمال بركة الوسائل بإستعادة قراءة قصة عباءة رسول الله المباركة ، فقد اهدي أحد الصحابة الي رسول الله عباءة جميلة فقبلها الرسول الكريم وامر السيدة عائشة بحفظها فإذا بسائل فقير يطرق باب بيت رسول الله فيأمر الرسول السيدة عائشة بأن تمنح السائل تلك العباءة ، فيأخذها السائل الفقير فرحا وينطلق الي السوق وهو يصيح ( من يشتري مني عباءة رسول الله؟)فتدافع الناس لشرائها وكان في السوق لحظتها رجل ضرير بصحبة خادمه فقال الرجل الاعمي لخادمه اذهب وزاود في شراء عباءة رسول الله فأذا نجحت في شرائها وعدت بها فأنت عتيق عندها ذهب الخادم وتمكن من شراء العباءة وعاد بها لسيده اﻷعمي فأعتقه في الحال ثم امسك اﻷعمي بالعباءة ثم توجه لله سائلا( اللهم إني اسألك بحق حبيبك المصطفي وببركة عباءته هذه أن ترد علي بصري ) فأكرمه الله وعاد اليه بصره في الحال ، فما كان من الرجل الا ان ينطلق الي بيت رسول الله ليرد اليه عباءته ويخبره ببركتها واثرها ، فأبتسم الحبيب المصطفي وقال (يالها من عباءة مباركة اغنت فقيرا واعتقت نفسا وشفت مريضا وردت الينا).
كل ماذكر فيما كتبنا يؤكد ان من توكل علي الله فهو حسبه وأن اﻹنسان الناجح والفائز هو من يتوخي التصرف بحكمة ويحرص علي أن يكون مع الله دائما ولايبالي ابدا .