بين عطرِ الكلماتِ وصدقِ الوفاء، نظم بيتُ الشعرِ الخرطوم الذكرى الثامنة لرحيل الشاعر صديق مدثر، نهار اليوم، السبت (10 أكتوبر 2020م)، بقاعة دفع الله الترابي بكلية الهندسة جامعة الخرطوم؛ حيث اجتمع المثقفون، والمهتمون لاحياء الذكرى وفاءً لما قدم؛ فشهدت النهارية كلمات وإفادات وقراءات من أعماله الشعرية، قدمت بأصوات عدد من الشعراء.
قدم مدير بيت الشعر الخرطوم الدكتور: الصديق عمر الصديق شكره للحضور في مستهل كلمته قائلاً: إن بيت الشعر أُسِّسَ لأجل خدمة الشعر والشعراء واللغة العربية مثل ما أراد له مؤسسه سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة أن يكون البيت راعياً للشعراء مظهراً لنشاطهم محتفياً بهم يصنع لهم المنابر وينشر لهم الدواوين، وبيت الخرطوم يحاول فعل كل ما يمكنه من الأهداف والتطلعات، مبيناً أن السنوات الماضية شهدت مشاركات تزيد عن نصف الألف من الشعراء السودانيين، وقال إن الاحتفاء بصديق مدثر جاء في السياق المطلوب من بيت الشعر، ووعد بـإعادة طباعة ديوانه (ضنين الوعد) بعد التنقيح والتدقيق للنسخة التي حوت كثيراً من الأخطاء.
“يا ضنين الوعد أهديتك حبي من فؤادٍ يبعث الحب نديّا
إن يكنْ حسنك مجهول المدى فخيالُ الشعرِ يرتاد الثريّا
كلما أخفيته في القلب تُنبِي عنه عيناك ولا يخفي عليّا
أنا إن شئت فمن أعماق قلبي أرسل الألحان شلالاً رويّا”
قدم الأستاذ الباحث والناقد محجوب دياب قراءة شعرية لقصيدة (القرشي) من ديوان الراحل، حيث يقول في مجتزإٍ منها:
“إن رأيتم في ظلام الليل بدراً
أسمر الطلعة وضاح المحيّا
يشعل الدرب ضياءً أحمرًا
فيهب الشعب جبارًا قويّا
ذاك وجه القرشي فاعرفوه
اجمعوا الصف وسيروا واتبعوه
إذا سمعتم في الدجى
صوتًا يدوي بالنشيد
أيها الشعب تحرك
واصنع الفجر الجديد”
وتحدث الدكتور نزار غانم والدكتور الفريق عمر قدور حول مسيرة الراحل صديق مدثر، ومكانته وإسهامه في الحركة الشعرية والغناء الفصيح، وركز غانم على صلته ومعرفته بالراحل في سوح العلم والمعرفة ومنابر الاستنارة في اليمن والسودان، وقال إن صديق مدثر شاعر سوماني في إشارة لليمن والسودان، وتطرق قدور لصلة الراحل بـأم درمان ووطنيته المتعارف عليها في تعامله وأخلاقه وأدبه.
وشارك الشاعر عبدالقادر المكي المجذوب بقراءة قصيدة (موعدنا غدًا)
“قلت تهواني كما أهواك
فاحترت مع الحب جوابا
ومضينا لفنا الصمت
فلم ندر خطابا
غير أنا قد سمعنا
خفق قلبينا أجابا
أفراقًا أم لقاء نرتجي
يدك العجلى يقين في يدي
في غدٍ ألقاك أهلاً بالغد”
بينما قرأ الشاعر أسامة تاج قصيدة (من تكون) التي يقول الراحل في جزء منها:
“من هذه الحسناء واسعة العيون
هل وجهها هذا سراب أم ظنون
هل مر في دنياي يومًا فاستبد بي الغرام
وجريت أستهويه بالشعر الذي يلج القلوب
بلا انتظار أو سلام
شعر إذا الحسناء أرخت سمعها
لا بد بعد هنيهة ترخي اللثام”
وتحدث الأستاذ عبدالحميد مدثر شقيق الشاعر الراحل مقدمًا شكره لبيت الذي نظم نهارية ذكرى الوفاء الثامنة معتبرًا البيت فتحًا لخدمة الشعر السوداني واللغة العربية مستشهدًا بما قدم من فعاليات وأنشطة معلنا الاطمئنان لمستقبل الشعر والشعراء، وقال عبدالحميد إن أخاه الراحل من رجال التربية والتعليم وهو الحامل للواء الفكر والأدب منذ المرحلة الثانوية بمدرسة أم درمان الأهلية، مشيراً لارتباط الراحل في إبداعه بقضية المرأة السودانية، وشارك في الوعي الوطني لحقوق المرأة وأهدى المكتبة الوطنية أغنيات وقصائد تناول ذلك جلياً، وأضاف: الراحل كان ودودا طيب المعشر نادرا في نظر من عاشروه وكرس حياته لخدمة قيم الحق والخير والجمال وهو أم درماني المزاج والهوى، عاش وطنياً لم يتحزب فنال محبة الجميع. وفي ختام النهارية تغنى الفنان عاطف عبدالحي بجميل روائع أغنيات الراحل (ضنين الوعد) التي لحنها وتغنى بها الفنان عبدالكريم الكابلي، ورائعته (الحبيب العائد) التي تغنى الموسيقار الراحل محمد وردي.