(زوجة بتشتكي لزوجها من زيادة المعاكسات بالفيس بوك والواتساب .. قال ليها : خُتي صورتِك الحقيقية وأحسمي الفوضى دي ..) ، هذا حال الحكومة الإنتقالية وما أوقعت فيه نفسها مع الشارع السوداني من حرج وإنعدام ثقة ، جرَّاء إصرارها على إغلاق باب الشفافية والمُصارحة بينها وبين شعبها ، كل الأمور الإستراتيجية التي يعتبرها الناس محوراً لتطلُّعاتهم وآمالهم التي بذلوا من أجلها التضحيات الجِسام ، اًصبحت لا تخرج إلا من فوهة (الشائعات) وأبواق أعداء الثورة ، فضلاً عن منصات المُتطفلِّين على قطاع التحليل السياسي والإقتصادي والإستراتيجي.
هل يفوتُ على حكومة حمدوك أن تستثمر ما بين أيديها من ثروة وقُدرة تتمثَّل في (صمود) عشم الشارع فيها إلى الآن ؟ ، رغم إستغراقها في وحل الإخفاقات وإضطراب وُجهة سياساتها ورؤاها الأساسية ؟ ، تلك الثروة هي التي تُعزِّز من (قُدرات) الأنظمة الديموقراطية وترفع من مستويات أدائها في مواجهة التحديات ، وذات الثروة هي التي تفتقدها وتتوقُ إلى حيازتها الأنظمة الشمولية والديكتاتوية ، فهي دائماً تخشى المواجهة والشفافية والمُصارحة ، لأنها في كل زمانٍ ومكان لديها ما تُخفيه وما تهاب إطَّلاع الناس عليه.
الكثيرون من الحادبين على الثورة وإستمرارية إرساء المسار الديموقراطي في السودان ، يطلبون بإلحاح من السيد رئيس الوزراء وحكومته أن تُفصح للشعب عن ما يواجهها من مشكلات داخلية وخارجية ، لا لشيء سوى توفير الدعم والإسناد والنُصرة بإعمال قوة الشارع وشرعية مطالبهِ ، ولكن لا حياة لمن تُنادي ، مما فتح أبواباً جديدة لموجة الشك والظنون التي بدأت تنتاب (المُخلصين) قبل (الشامتين) بالقدر الذي يدفعهُم للتفكير في ضلوع المكوِّن المدني في (مؤامرة) على الشعب السوداني ومطالب الثورة عبر تواطؤ مع المكوِّن العسكري ، ولا جُناح طبعاً أن تسمو الخيالات بما يُمكن وما لا يُمكن طالما ظلت الأبواب مُغلقة والألسِنة مُلجمة ولا مصدر موثوق يمكن أن تُستقى منه المعلومات والتوجُّهات والسياسات الحقيقية التي تسير عليها الحكومة ، خصوصاً في مواضيع مهمة وإستراتيجية ومؤثِّرة في حياة الناس وأصبحت شاغلهم الأكبر ، وفي مقدمتها قصة رفع الدعم عن المحروقات ، وما خلف كواليس الإشتراطات الأمريكية الخاصة برفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ، وما يتبع ذلك من تغيَّرات في التوجُّهات والعلاقات الإقليمية والدولية ، على خلفية التطبيع مع إسرائيل ، ومواضيع أخرى كثيرة ما تزال غارقة في بحر الظُلمات بسبب إنعدام تنوير الرأي العام عن مآلاتها وما يحدث في أضابير ملفاتها ، حتى وسائل الإعلام المُتعدِّدة بما فيها الرسمية وفي مقدمتها وكالة السودان للأنباء والتلفزيون القومي يشتكي منسوبيها من ضآلة حجم المعلومات والأخبار وترَّهُل وتشُتُّتْ مصادرها ، هذا مع الإشارة إلى حجم التصريحات والمعلومات المتضاربة والمُتناقضة في كثيرٍ من المواضيع الهامة التي لا تحتمل التردُّد وإختيار إجابتين ، على سبيل المثال تصريحات رئيس الوزراء بأن التطبيع مع إسرائيل موضوع دستوري والحكومة الإنتقالية غير مفوَّضة بالبت فيه ، فيما تترى المعلومات في الإتجاه الآخر عن تسارُع الخطوات التوافقية بمجلس السياده ورئيسهُ نحو ما يمكن وصفهُ بـ (تطبيع عاجل وغير منقوص).