تذكرت حكمة قديمة من حكمة القدماء ، فأجتهدت في صياغتها لتعم الفائدة ، وبالله التوفيق .
كان أحد الاعراب يشق طريقة داخل غابة . طرق أذنيه أنين حزين لجرو حيوان ، فأتجه من فورة إلي مصدر الصوت ،هناك وجد جرواً لذئب يطوف حزيناً حول جسد أمه الهامدة ، تملكته عاطفة جياشة ، فحمله واحتضنه ، وذهب به إلي دارة مسروراً ، وكأنه يحمل كنزاً ثميناً .
اهتم الأعرابي بهذا الجرو اهتماماً شديدا ،وأخذ يرضعه صباح مساء من لبن شاته الحلوب ، ومع الأيام نمت علاقة حميمة ما بين الجرو والشاة ، صار الجرو يرتع ، ويلعب في الحظيرة نهاراً ، وينام في حضن أمة بالرضاعة ليلاً حتى شب من الطوق ، وقوى وأستوى عودة ، واشتد ساعدة .
وتدور الأيام ، والاعرابي يفتخر بجميل صَنيعِه على الدوام ، وأصبحت تراوده الأحلام بأنه يستحق بجدارة أرفع الاوسامة ، وأنه حاز على قصب السبق في صنع الوئام والسلام بين الأعداء ، وأنه رائد البشرية في مشروع التطبيع بين الذئاب والاغنام ، وهو الهميم ابن الهُمام.
في صبيحة يوم من الأيام شد الأعرابي رحله إلي مضارب العشيرة لأمر هام ، ثم عاد مساء ذات اليوم قبل أن يحل الظلام ، وكان أول همه كعادته أن يطل على حظيرة الأنعام للإطمئنان ، مد عنقه ، ورأى ما هاله ، وهز كيانه. وهو يشاهد الجرو الذي شب في أكنافه، قد بقر بطن أمه بالرضاعة ، و وقف فوقها ينهش لحمها نهشاً ، أصابه حزن عميق وإحباط لفشل مشروعه ، فأنشد ابياتاً من الشعر ذهبت في الورى مثلاً قوله:
إذا كان الطباع طباع سوء
فلاعطف يفيد ولا حليب
بقرت شٌويهتي وفطرت قلبي
فمن انبأك إن أباك ذئب
وانا اقول في هذا للمنادين بالتطبيع مع إسرائيل والمتحمسين لها :(أحبتي خذوا العبرة من التجارب والأمثال لا تقتنوا في عقر داركم الجراء فانه هراء)
أكتوبر – ٢٠٢٠م