للأسف نجح البروبغانديون (propagandists)، في إلهائنا وتشتيتت انتباهنا عن النصر المتحقق بإزالة اسم السودان عن القائمة الأميركية للدول الرعية للارهاب. وهو نصر يساوي في ثقله إزاحة البشير ونظامه القميء من السلطة.
أبعدوا، عمدًا، الأضواء عن (الحدث الرئيس) وركزوها كاشفةً وساطعةً وقويةً نحو (حدث فرعي) ومصاحب، ألا وهو البيان المشترك الصادر من ترامب وكل من حمدوك والبرهان ونتينياهو، حول المحادثة المشتركة التي جرت بينهم، وتضمنت إشارات عن تفاؤل بعلاقات تجمع السودان باسرائيل.
صوروه كأنه الحدث الرئيس. وصاغوا الاخبار بكيفية توحي للعامة والخاصة أيضاً، وكأن السودان قد وقع بالفعل اتفاقًا مع إسرائيل. وهذا ما لم يحدث.
والإلهاء (distraction)، صناعة يتقنها الأميركيون ويبرعون فيها، ولقد نجحوا بالفعل في تحقيق ما أرادوا شتتوا انتباهنا عن النصر الكبير المتحقق، وألهونا في جدل عقيم حول تطبيع لم يتخذ فيه السودان إي خطوة عملية فعلية.
ودخلت القنوات الفضائية العربية على الخط، فأسهمت بقصد أو دون قصد، في إكمال مؤامرة الإلهاء. وابتلع الطعم كثيرون بما فيهم زعماء سياسيون كبار بوزن السيد الصادق المهدي. وهو أمر يؤكد أنه حتى الكبار والحكماء غير عصيين على اختراق استراتيجيات الإلهاء.
وللمفكر الشهير نعوم تشومسكي مقولة شهيرة ومعروفة في هذا الصدد يقول فيها: “استراتيجية الإلهاء عنصر أساسي في التحكّم بالمجتمعات، عبر تحويل انتباه الرّأي العام عن المشاكل المهمّة، عبر وابل متواصل من الإلهاءات والمعلومات التافهة”.
الثابت والمؤكد الوحيد في كل ما تم أمس أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد وقع أمرًا تنفيذيًا رئاسيًا، واجب النفاذ، برفع اسم السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، التي قيدت حركته واعاقت تقدمه لأكثر من 27 عامًا، أما غير ذلك فهي مجرد مسارات فرعية للإلهاء ولدعم الصورة الانتخابية للرئيس ترمب الذي يواجه منافسًا ديمقراطيًا قويًا.