جاء تعيين السيد جون كيري وزير الخارجية الاسبق في عهد الرئيس اوباما؛ كمبعوث / مسؤل عن ملف البيئة والتغيير المناخي؛ تاكيدا لتعهدات الرئيس المنتخب بايدن ابان حملته الانتخابية. كما جاء تعيينه ايفاءا لخطة العمل البيئية الطموحة التي تبناها الرئيس المنتخب بعد سجالات مع المهتمين والمتخصصين والباحثين والعلماء والناشطين في دوائر متقاطعة داخل الحزب الديمقراطي.
اشتملت خطة العمل البيئية للرئيس المنتخب بايدن على أربعة محاور اساسية تتلخص في التخلص من انبعاثات الكربون في قطاع لكهرباء بحلول عام 2035 ، واعادة الانضمام لاتفاقية باريس للتغيير المناخي ، و انفاق إثنين تريليون دولار في خلال الاربعة سنوات القادمة لتقوية قطاع الطاقات المتجددة. وخلق حوافز مجزية من اجل رفع كفاءة الطاقة المستخدمة في قطاع السيارات والمباني السكنية والتجارية.
بلا شك ان ادارة الرئيس المنتخب بايدن تتميز بالاتي:
_ اعتراف صريح باهمية قضية البيئة ، وثقة في مخرجات البحوث والدراسات العلمية التي تؤكد على كارثية ظاهرة التغيير المناخي واثرها البيئي الماحق على الانشطة الاقتصادية وسلامة وأمان المجتمعات البشرية.
_ الوجهة الوفاقية في ادارة الملف من خلال تبني خطة العمل البيئية التي جاءت عبر حوارات اسفيرية معمقة لمجموعات مصالح متباينة داخل الحزب الديمقراطي، على راسها الوزير جون كيري في الجناح المعتدل، والسناتور الكسندرا اوكاسيو كورتيز في الجناح الليبرالي، والنائب كونور لامب ممثلا لمصالح قطاعات التعدين والعمال، وغيرهم من النواب بالكونغرس بالاضاقة الى المنظمات غير الربحية، والشبابية والنسائية التي تدافع عن قضايا البيئة.
_ إختيار شخصية رفيعة في منصب مستحدث ممثلة في الوزير كيري،ضمن الطاقم الدبلوماسي والامني. مما يشير الى علو مكانة البيئة والتغيير المناخي في سلم اهتمامات واولويات الادارة القادمة في البيت الأبيض.
البدء في تفعيل خطة عمل البيئة والتغير المناخي مبكرا. مما يساهم في تحريك دولاب العمل الحكومي الفيدرالي. ومن المعروف عنه الاناءة في صنع القرار وتخصيص السلطات وتفعيل الصلاحيات.
_ ربط العمل في مجال حماية البيئة وكبح جماح اثار وعواقب التغير المناخي الوخيمة، بانعاش الاقتصاد وخلق فرص العمل في قطاعات صديقة للبيئة، مثل الطاقات البديلة للوقود الاحفوري ، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح .
_ العودة الى اتفاقية باريس للتغير المناخي تعزيزا العمل المشترك وانفتاحا على العالم بشان قضية لا تعرف الحدود، ولها اثار مدمرة وعواقب وخيمة.
هنالك تحديات من المتوقع ان تواجه الادارة القادمة وقد تعيق اهداف خطة عمل البيئة والتغير المناخي. من أهمها:
موافقة مجلس الشيوخ على الميزانية الطموحة لانفاذ الخطة ( 2 تريليون دولار) ، خصوصا إذا ما تمكن الجمهوريين من الحصول على الاغلبية في مجلس الشيوخ. هذا يتوقف على الانتخابات التكميلية في شهر يناير القادم بولاية جورجيا . بحتاج الحزب الديمقراطي الفوز بمقعديها ليعادل عدد مقاعد الجمهوريين الحالية ( 50 مقعدا) . في هذه الحالة يمكن لنائب الرئيس سناتور كاميلا هاريس ترجيح كفة الديمقراطيين عند التصويت على أي مشروع قرار أو قانون أو تشريع.
واذا كان بعض المراقبين والمحلليين يميلون الى التوافق في القضايا الجوهرية بين الحزبين على البرامج وخطط العمل ، ومن بينها مسالة البيئة والتغير المناخي، مما يساهم في تحقيق تاثيرها المرجو وديمومة نفعها.
*باحث في مجال التنمية والبيئة المستدامة