مثلما حاول الكيزان فرض رؤاهم علي كل الشعب السوداني بقوة السلطة بعد انقلابهم المشئوم، وبعد تسخيرهم لكل مقدرات وإمكانات الدولة لفرض تلك الرؤي فرضاً ولمدة ثلاثين عام من العزل والقمع والسحل والاستئثار بكل مقدرات الدولة، يحاول الآن الجمهوريون تجريب المجرب.
التجربة تؤكد أن الكيزان فشلوا برغم السيطرة والهيمنة التامة وتراخت قبضتهم رويداً رويداً عن الإمساك وانهارت عزائمهم بعد ان رؤوا الفشل بام اعينهم فإعتراهم الإحباط ولم يحصدوا ايٍ من النتائج المرجوة وذهبت آمالهم وأحلامهم الزلوطية أدراج الرياح وانتهي حكمهم عضوداً عارياً من أي قيم اسلامية تدل وتؤكد علي للحرية والكرامة والعدل.
تلك إذن كانت تجربة كاملة فيها العبر والاعتبار لكل صاحب عقل وضمير حي، إلا أن المتعصبون بطبيعة الحال والعقائديون منهم مصابون بالعمي ولا يرون كما يري الاسوياء، فالتعصب مرض عضال. يقول تعالي: (فانها لا تعمي الابصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور).
علي ذات النهج الذي مازالت آثاره باقية في كل مفصل من مفاصل الدولة، حاول القراي غرز بذور فكره وعقيدته الخاصة، واختار لذلك مرحلة عمرية مختلفة وهم الأطفال، الذين قال فيهم الرسول الكريم (يولد المرء علي الفطرة فابواه يمجسانه او يهودانه او ينصرانه.. او كما قال). ويبدو أن القراي ومن خلفه من تبقي من الطاهويون الانكفائيون من أتباع محمود محمد طه، قد قنطوا من رحمة الله، هذا إن كانوا ممن رجون رحمة الله اصلاً، ومن أي أمل في التأثير والتصالح والقبول عند الراشدين أصحاب العقول والوعي بين السودانيين، ولذلك وقع اختيارهم علي الأطفال الذين هم طينة لينة وعقولاً مولودة علي الفطرة السليمة، ليشكلوها ويفسدوها ويشوهوها برؤاهم الشاذة عن المألوف والموروث والخارجة عن الفطرة.
ويكفي الطاهويون بؤس وقلة حيلة هذا الفعل الانتهازي والإجرامي والدنيئ، والذي يحاولون به استغلال الارتباك الذي يعتري الفترة الانتقالية ليتسللوا ويتمكنوا من موقع مهم؛ وهو فعل فيه استغلال للطفولة البريئة ويدخلهم في الخيانة الوطنية العظمي وفي إطار مواد قانون إستغلال الأطفال، الذي تحاكم عليه القوانين الوطنية والدولية، فضلاً عن إنكاره والاشمئزاز منه عند العامة.
والجمهوريون يعذورون أنفسهم وهم يقدمون علي ذلك الفعل الشنيع بحجة الاضطرار بسبب انقطاع الأجيال في حزبهم، ويخافون تحنط الفكرة الجمهورية واندثارها كغيرها من الأفكار الشاذة والخارجة عن المألوف عبر التاريخ. فمتوسط الاعمار بين الجمهوريين تتجاوز الستين سنة، وهذا يؤكد أن الأتباع الي انقراض لا محالة، وان الفكرة سيطويها النسيان داخل أضابير الكتب كشأن ما كان عليه مسيلمة الكذاب وغيره من أهل الافكار الشاذة بالتاريخ.
الذين يرمون كل من ينتقد مناهج القراي البئيسة وسلوكه الإداري العقيم ومنهجه الخاطئ وتدخلاته العقائدية الواضحة في المناهج التعليمية؛ وينعتونه بالكوزنة، إنما يتجاوزون الحقيقة الي الهوامش.
الجدل الدائر الآن حول موضوع المناهج الجديدة أظهر عيوب واضحة واخطاء شهد عليها الجميع وتجاوزات مقصودة تقوم علي موقف عقائدي، وهذا يضع الحكومة امام المسئولية، وعلي رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك قطع دابر الفتنة فوراً، بإقالة القراي ووزير التربية والتعليم شريك القراي في هذه الجريمةالعظمي، والايقاف الفوري للعمل بالمناهج الجديدة، والاعلان عن مؤتمر قومي للمناهج يحدد الرؤي والتوجهات الكلية للمناهج الجديدة. وان تسلم نتائج ذلك المؤتمر إلى لجنة قومية من كبار المهنيين والتربويين، تكلف بالعمل علي إعداد وتاليف المناهج للطلاب في المراحل الدراسية المختلفة، وفقاً للطرائق العالمية المعلومة في ذلك