يستحيل العبور اذا استمرت موارد الدولة سائبة
طلبت الكاتبة الصحفية عواطف عبد اللطيف السودانية المقيمة بدولة قطر في مقالها بسوادانيز اونلاين بتاريخ 13/2/2021 من الدكتور حمدوك رئيس مجلس الوزراء الانتقالي ان يلزم كل من قادة الدولة بتقديم اقرار ذمة مالية وتفعيل قانون من اين لك هذا.
اشارت الكاتبة الى جزئية هامة ولا غنى عنها وتستوجب التعقيب. فقد حبانا العلي القدير بموارد طبيعية متنوغة وغير محدودة زراعية، حيوانية، معدنية، غابية، ومياه عذبة …الخ. اهلت الوطن لاعتباره سلة غذاء العالم. الا ان المواطن السوداني لا زال يعاني من الفقر والجوع والمرض وشظف العيش.
لا شك ان المورد البشري السوداني وتحديدا النخب السياسية والقيادات التنفيذيه يعتبر احد اسباب الفشل في استغلال تلك الموارد الطبيعية لصالح البلاد والعباد بسبب غياب الادارة والارادة الراشدة والملهمة وسوء ادارة تلك الموارد او بسبب فساد النخب السياسية والقيادات التنفيذية.
لأن المال السائب يعلم السرقة، فعلى الحكومة الانتقالية اجازة قانون للذمة المالية وان تلزم قيادات السيادي والوزراء والولاة والسفراء وشاغلي الوطائف الدستورية والقيادات التنفيذية ولجان العطائات والمناقصات وازالة التمكين بتقديم شهادة ابراء زمة ماليه دورية يحدد فيها ممتلكاته ورصيده وبما في ذلك ابنائه القصر وزوجته/زوجاته وانشاء دائرة بذلك في وزارة العدل أو النيابة العامة.
ومن ثم على الحكومة الانتقالية ان تجيز وتطبق قانون من اين لك هذا؟ عند ظهور ثراء فاحش بسبب استغلال الوظيفة أوتضارب المصالح او توافر قرائن للاشتباه في الثراء الحرام، الاختلاس ، خيانة الامانة او مؤشرات بالاستيلاء غير المشروع على المال او الموارد العامة.
من خلال تجربة الوطن المريرة – في العقود الماضية – مع الفساد والمفسدين التي تزكم الانوف حيث تمت استباحة المال العام والعشوائية في الحقوق والواجبات فكل ينهش ما بين يديه. اذن فهنالك اسباب ملحة تتطلب ضرورة تطبيق قوانين الذمة المالية وقانون من اين لك هذا وذلك لحماية المال العام ولاستعادة النزاهة والشفافية ولفرض هيبة وسيطرة الدولة وتنظيم الولاية على المال والموارد العامة وضبط وممارسة سيادة القانون على كل المصادروالمصارف العامة بدلا من التراخي والعفوية وذلك وفاءا لدماء شهداء الثورة وتحقيقا لاهدافها ولصالح نهضة الوطن.
وحسب المفكر السوري شمس الدين الكيلاني فان المال مال الله، والانسان مستخلف فيما تركه الله وديعة بين يديه، وله حق التصرف، الانتفاع وحق الاستثمار، وليس له حق الاكتناز(لكي لا تكون دولة بين الاغنياء منكم) وليس له حق الاستغلال أو الاحتكار خاصة في الماء والكلأ ( الزراعة ) والنار ( الوقود ) فان حدث ذلك من ضعاف النفوس او من ضيقي الافق او المستغلين فيجوز للسلطة التدخل بانفاذ العدالة بالمحاسبة وبما في ذلك المصادرة لصالح البلاد والعباد. والصلاة والسلام عليك يا رسول الله القائل (… والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها).
فهلا طبقتم قوانين الذمة المالية ومن اين لك هذا فلا يستقيم الظل والعود اعوج ويستحيل العبور…. اذا استمرت موارد الدولة سائبة.
الدوحة – قطر
16/2/2021