———————————————
حينما طالعت بوستا لهذا الرجل صديقي العزيز عز العرب مختار الجبيلاوي في قرب ابناء تلودي بالفيس و لا غرو فهو اسير حب تلودي و شعبها .
قد رسم لوحة كاملة الدسم حملت كل الوان الوفاء و التبجيل لمعلمينا في ذلك الجيل بمدرسة تلودي الاولية التي رقمت ( أ ) بعد ان أنشأت الاولية ( ب) .
هي مدرسة فيها تشكلت حياتي و التي قد رُسم مسارها و حولتها تماما من ذلك الراعي الذي يمتطي ظهر عجلا بلا سرج الى حيث اني اليوم .
هذا البوست قد همس في أُذني ذاكرتي التي صحت و أماطت اللثام عن تلك القصيدة في كتاب المطالعة .
و استحضر ما تجود به هذه الذاكرة التي هرمت …
انني طفل صغيرا
اتخذت العلم نورا
يا تري ماذا اصيرُ
عندما اغدو كبيراَ
يا ترى اغدو طبيا
ام وزيرا ام زعيما
او ترى اغدو اديبا
او صحافيا شهيرا .
سوف اسعى غير وانٍ
اطلب العِلمَ كثيرا
و قتها كان النداء بالعلم و الحث عليه يتربع على اولويات ما يحثنا عليه الذين كرسوا جل وقتهم وطاقتهم لمحاربة الامية و الجهل ذلك الزمان .
و يظهر ذلك جليا حتى في تذاكر الدخول لمسرح تلودي لحضور حفلا لكبار الفنانيين الذين زاروا تلودي امثال ابراهيم موسى ابا و ام بلينة السنوسي و ابراهيم عوض و محمد وردي رحمهم الله.
كانت مدرسة تلودي الاولية للبنات هي المسرح .
التذاكر نوعان :
الدرجة الاولى مكتوب عليها ” العلم نور و هي خضراء.
الدرجة الشعبية مكتوب عليها
” الجهل خرافة ” وهي حمراء
و كانت هنالك تذاكر فخرية لاعيان تلودي لا ادري ما كتب بها لانها ترسل لهم في متاجرهم او منازلهم و هي ملزمة لهم .
لقد اتخذنا العلم نورا فمنا من كان طبيبا و منا من كان وزيرا
او صحافيا شهيرا و من كان غير ذلك .
لاحظ ان صاحب القصيدة قد ركز على عبارة ( العلم ) اكثر من ( التعليم ) .
في تقديري ان من تتلمذ في ذلك الوقت سيكون عالما و ليس متعلما ، إذ انه يمثل شعاع في ظلمة حالكة ، هذا الشعاع هو عِلما في حد ذاته.
كانوا علماء فعلا ، وضعوا منهاجا مستنبطا من عمق البيئة ذاك الوقت .
فنقرأ حسن البطل
حسن ولد العرب
رحل العرب
و رحل حسن مع العرب .
و لكن اليوم رحل العرب و لم يرحل معهم حسن و اغترب .
الولد لمس الاسد ( هو الغير معقول ).
الدود فوق العود ( هو المعقول ).
هل ترون ان ذلك علما ام تعليما ؟
انه العلم.
و اليوم ومع تطور الحياة و تعقيداتها و تربع المديا الحديثة و العم قوقل اصبح العلم تعليما ، لان بمقدورك ان تحصل على المعلومة بلا معلما و لكنك تظل ينقصك العلم .
الابناء و الاحفاد اليوم يتعلمون من جوالاتهم الذكية مواد موضوعة تقتل في دواخلهم الابداع .
و يطغى التقليد و المحاكاة على كل انشطتنا في كل مناحي الحياة و اصبحنا مستعمرين نأسر انفسنا في ما الت اليه الدول العظمى من رقي و حضارة و اصبح نهجنا ان نقفز بالزانة لنصل الى ما وصلوه .
ابدا لم نفكر في التطوير الذاتي و ترقية ما هو امامنا …و متاح .
نرجع لتلك القصيدة عندما” اغدو كبيرا “
لم يكن في بال من كتب لنا تلك القصيدة ان ياتي يوما فيه يلفظنا الوطن و يرمينا بعيدا في حضن الاغتراب ..
و الا لأضاف اليها :
ام مهاجرا بعيدا
او مغتربا تاه في نفقٍ عميقا .
فارق صديقا عزيزا و رفيقا.
ابدا لم يكن في الحسبان ذاك الوقت ان خيرات بلادي التي حملت المستعمر ان يدخل في ادغالها و يفجر كنوز ارضها فتنتج قطنا فاخرا .
و جبالها في شيبون و تنتج ذهبا خالصا .
هنا نكتشف ان من وضع مناهجنا كان يتحدث عن العلم الذي هو المدخل لتفجير الطاقة البشرية في الانسان ، و المادية في الارض .
اليوم لو عاش صاحب تلك القصيدة سيضيف اليها كثيرا من المهن ..
سمسارا كبيرا
ضابطا عظيما
دكتاتورا عنيدا
ناشطا مريبا
.
انظر اليوم
وزارة الثقافة و الاعلام
وزارة التعليم العالي
و زارة التربية و التعليم
كلها كانت تحت وزارة المعارف .
و هنا يتضح الفرق بين العلم و التعليم .