محجوب الخليفة
طرحت إحدي الصحف العربية سؤالا علي قرائها وهو (لماذا نحن متخلفون عن ركب التقدم والتطور؟ ) لتعرف اﻹجابة المتفق عليها من قبل معظم القراء ، وبالفعل اتفق معظم القراء أن السبب اﻷساسي لتخلفنا هو سوء اﻹدارة.
الصحيفة لم تكتف بتلك اﻹجابة فأعادت السؤال للقراء مرة اخري ولكن بعد تعديله ليكون ( ماسبب سوء اﻹدارة عندنا إذن؟) فجاءت اﻹجابة وبإجماع كامل واتفاق معظم القراء (السبب خلل في التربية).
وخلل التربية يعني مرض تربوي سالب يسيطر علي سلوكنا كمواطنين ، وسوء اﻹدارة آفة مدمرة تتحكم في مفاصل الدولة لتهدر مواردها وتمنعها من التطور واﻹزدهار.
إذن هناك متلازمتان للتخلف والتردي هما الخلل التربوي لدينا كأفراد وسوء اﻹدارة لدي دولتنا.
كثيرا ما يناقشني الصديق والاخ الاستاذ فيصل سعدالدين احمد وهو مواطن سوداني مهموم بقضايا السودان ومحزون ﻷنه علي قناعة بأن المواطن السودان اشبه بإنسان يجلس علي تلة من الكنوز ويمد يديه متسولا اﻵخرين.. فاﻷخ فيصل لديه مشروع صناعة المواطن اﻹيجابي لقناعته ان السودان وطن غني جدا ولكنه مأزوم بالسلوك السالب لمواطنيه..
ورؤية اﻷخ فيصل لاتخرج عن إطار تشخيصنا للحالة السودانية المزمنة إذا جاز لنا ان نطلق عليها حالة مزمنة.
السلوك السالب للمواطن السوداني ينشأ باكرا في طفولته اﻷولي عندما تمتد يده إلي ممتلكات غيره فلا يوجه ليعرف أن عليه أن يستأذن اولا ، وان يوبخ إذا ارسلته والدته للبقالة او لشراء خبز فتجرأ وتناول جزاءا منه في الطريق، فالمسئول الذي يقتطع من المال لنفسه او (يسف ) موارد وطنه بلا وازع هو نفسه ذاك الطفل الذي اقتطع من الخبز او سف السكر في قارعة الطريق دون أن تعاقبه اﻷسرة ، ولطالما أن اﻷسرة هي الوطن اﻷصغر الذي سمح للطفل بالمخالفة والسلوك السالب ،فإن ذات اﻵسرة ستكون هي وطنه الكبير حيث يصبح ذاك الطفل (اللص الصغير) هو نفسه رئيس أو وزير أو مدير في دولته فيسيطر سلوكه السالب كمواطن وكمسئول علي مفاصل دولته لتبقي دولة متخلفة تعاني (حالة العجز المزمن).
حالة التخلف المقيم والعجز المزمن لن يتخلص منها السودان وكل الدول المشابهة لحالته ،إﻷ بآعادة صياغة المواطن ومن ثم آعادة تأهيل الدولة، فمتي يحدث ذلك ؟ ربما بعد اﻹنتباه لما ننادي به وهو إستراتيجية صناعة المواطن اﻷيجابي.