ربما يكون تعتيم المعرفة مصطلحا جديدا يناسب التوصيف الحقيقي لما يمر به عالمنا المعاصر ، قلت ربما يكون ﻷن الوضع الراهن يجعل المصطلح نفسه في المنزلة بين المنزلتين (أي مصلوبا بين الحقائق الطبيعية والحقائق المصنوعة) ، وكمثال قد يبسط فهم المصطلح ،إذ يمكن التشكيك في التحول الطبيعي للبيئة والتلوث المصنوع بخبث خفي يجعل التغير في البيئة وكأنه وباء فتاك يجتاح العالم بحيث يصبح الناس وتحت وطأة تأثير المعلومات المتدفقة في قناعة تامة بأن الحقيقة هي المعلومات المتداولة وليس هناك حقيقة غيرها
تعتيم المعرفة الذي يسود العالم اﻵن لا يتعلق فقط بالوباء العالمي الفتاك كورونا ، وإنما يتمدد في مختلف المجالات اﻷخري من انشطة البشر، مثل السياسة واﻹقتصاد ، وعلوم التقانة وتكنولوجيا التسليح ونظم الحروب الخفية للسيطرة وحماية المصالح اﻹسترتيجية.
والمؤسف حقا أن نسقط كأفراد وجماعات ودول تحت سيطرة تعتيم المعرفة ونتحول إلي رهائن لا حول لنا ولاقوة ننتظر ما يقوله صناع الحقائق الجدد ونتطلع إلي ما يبتكرون من أحداث و يصنعون من وسائل ، وما يفرضون من توجيهات بلا إعتراض ودون مراجعة أو تدبر.
العالم المعاصر يعاني من التلوث المعرفي والتضليل المصنوع وربما اسهمت المنصات التي إبتكرتها شركات التقانة واﻹتصال الكبري مثل مايكروسوفت ومنافساتها اﻷخري في هيمنة التعتيم المعرفي علي مفاصل العالم ، وعلي نحو يمكنها من السبطرة الكاملة علي تحركاته ، فمنصات التواصل الحديثة والقنوات الفضايئة هي وسائل سهلة تستطيع اجهزة المخابرات التسلل اليها و توظيفها لفرض واقع جديد ، بما في ذلك الواقع السياسي واﻹقتصادي أو اشعال الحروب المحلية أو الصراعات اﻹقليمية ، وفقا لما يخدم مصالحهاويساعدها علي إحكام سيطرتها علي الحكومات والدول وتقييد حركة الشعوب ، وان بدت للناس كمنصات اكثر فائدةمكنت العامة من التحليق في فضاءات المعرفة وجعلت المتلقي نفسه مصدرا لﻷخبار مهما كانت ( حقائق ام اكاذيب ملفقة) ، فالظاهر بمقاييس العامة هو أن ثمة تحول مذهل قد حدث بتحطيم اهم قواعد علم اﻹتصال ( مصدر وسيلة ..متلقي) ، ولكن هناك مؤشرات جديدة بحيث قد يكون المصدر مصدران (خفي حقيقي وظاهر وهمي) وفي هذه الحالة قد تستخدم منصات اﻷخبار الموثوقة تأريخيا لتمرير هذه اﻵخبار وفق تاثيرات تخترق النظم والضوابط التقليدية لتلك المنصات.
ونخلص من كل ماذكرناه أننا نحن وحكوماتنا رهائن لدي جهات ذات سطوة وتأثيرخطير ، مما يجعلنا مؤهلين تماما لتخريب إنجازاتنا بأيدينا ، ونستجيب لتعليمات خارجيه قد تضر بمصالحنا القومية وتزيد من معاتنا بإستسلامنا للواقع المذري والتردي المخيف ، ونخشي أن نكون نحن كشعب وحكومتنا اﻹنتقالية ﻻنعرف حقيقة مايجري عندنا من أحداث ومايسيطر علينا من عجز.