مايو 23, 2021452
(1)
مهما اختلف الناس حول نتائج مؤتمر باريس ، ومهما تسابق الشانئون في مضمار تبخيس محصول هذه التظاهرة الدولية المهمة للسودان، يظل مؤتمر باريس بؤرة ضوء أنارت عتمة النفق المظلم الذي دخله السودان منذ ستينات وسبيعنات القرن الماضي بسبب الديون المتراكمة، إن أكبر عقبة كانت في طريق مشروع السودان النهضوي هي تلك الديون المتراكمة التي كبلت السودان بالسلاسل والحديد وحالت دونه والتقدم والنهضة والتنمية…
ويقيني الراسخ لو أن مؤتمر باريس لم يتمخض عن أية نتيجة سوى معالجة ملف الديون لكان ذلك كافياً ومدعاة للاحتفال بهذا الانتصار والتوفيق الذي ما كان إلا من عند الله ، وهو نعمة يجب أن يحمد عليها السودانيون ربهم ، وأي شخص لا يرى في معالجة ملف الديون إنجاز أو تطور إيجابي مهم للغاية فهو يجهل حقيقة القيود التي كانت تضعها تلك الديون التي بلغت 60 مليار دولار على أيدي وأرجل السودانيين ، ويجهل حقيقة صعوبة النهوض معها بل استحالته تماماً…
(2)
لم يكن باستطاعة السودان حتى الاقتراب من سداد تلك الديون إلا بخطوة كبيرة كالتي حدثت في باريس فلن يكن بمقدور السودان أن يقوم بسداد تلك الديون ولو بعد مائة عام، خاصة وأنها تتراكم وتزداد يوماً بعد يوم على نحو يستعصي معه الحل… الذين يسخرون من نتائج مؤتمر باريس ويمعنون في تبخيسها ، إما أنهم يجهلون خطورة الديون وسلاحها الفتاك الذي يضع الألغام والأشواك في طريق النهضة والتنمية مما يجعل العبور أمراً مستحيلاً أو ربما يفعلون ذلك تحت تأثير الكيد السياسي… فمهما يكن من أمر فإن معالجة ملف الدين الخارجي خطوة مهمة وأساس متين لأي بناء مستقبلي .
(3)
كثر الحديث المثبط للهمم عن مؤتمر باريس وبدا يتدفق في إطار الكيد السياسي والتبخيس أكثر من كونه نقد موضوعي ، ولكن رغم كل ذلك يظل المؤتمر فتحاً ونصراً يمهدان الطريق لبنية تحتية جديدة تؤسس لبناء دولة حضارية ومشروع وطني نهضوي ، فلو أن السودان حصل على إعفاء ديون نادي باريس وحدها ذلك يعني أن السودان حصل على كسب اقتصادي كبير وأزاح عقبة كأداء حرمت بلادنا من التعامل مع مؤسسات التمويل الدولية والدول الصناعية الكبرى، على المستوى الشخصي أجد نفسي متفائلاً بانعقاد هذا المؤتمر في تلك الظروف الصحية العالمية الحرجة مما يعكس جدية الدول التي شكلت حضوراً في مساعدة السودان للنهوض… المفارقة أن دولاً كبرى ومهمة في الساحة العالمية أتت لمساعدتنا في حفر ركائز البناء بينما نجد من أهل البيت من يدسون المحافير كيداً في حمدوك و»قحت»، فهل كان حمدوك وطن أم كانت قحت أمة، الوطن أكبر وأعظم وأجل من الأشخاص والأحزاب… اللهم هذا قسمي فيما أملك…