دعمي لصوت الشارع (السلمي) لا يتغير أو يتبدل، لأنه صوت من صنعوا ثورة الشعب السوداني السلمية الباهرة.. إنه صوتك وصوتي وصوت من قالوا لا للظلم .
في ٢٨ يونيو ٢٠١٩ نشرت مقالا داعما لمواكب ٣٠ يونيو ٢٠١٩ التي شكلت نقطة تحول ، وانتصار باهر، في مسار الثورة الشعبية السلمية السودانية، التي انطلقت في ديسمبر ٢٠١٨.
الانتصار قبل عامين وضع حدا لمحاولات (المجلس العسكري ) الانفراد بالسلطة ، وقد انتصرت المليونية لدماء شهداء مجزرة ٣ يونيو ٢٠١٩ التي ارتكبها مجرمون أمام مقر قيادة الجيش السوداني ،في موقع الاعتصام.
ما زال التحقيق في هذا الشأن يراوح مكانه،ولم تعلن نتائجه،ما يثير ويضاعف معدلات غضب الشعب ،وخصوصا أسر الشهداء والجرحى والمفقودين.
موقفي يدعم اليوم ودوما حق شعبنا في التظاهر (السلمي ) الحضاري ،تعبيرا عن تطلعاته المشروعة وأوجاعه المستمرة، بعدما تشكلت (سلطة انتقالية) فشلت فشلا ذريعا حتى الآن في الانتصار لعدد من أهداف الثورة الكبرى وأولوياتها المحددة في (اعلان الحرية والتغيير)و(الوثيقة الدستورية) ، وبينها تحقيق العدالة للشهداء والجرحى والمفقودين،وتوفير العيش الكريم،وبناء نظام حكم يحترم المؤسسية والشفافية ويلتزم الصدقية وينأى عن نهج الأكاذيب ،ويبني علاقات خارجية متوازنة،بعيدا عن نهج المحاور والتبعية التي تتناقض مع كرامة الشعب وأهداف ثورة الحرية والكرامة .
وفيما أرسلت مليونية ٣٠ يونيو ٢٠١٩ رسالة ساخنة الى المجلس العسكري وأفشلت مخططاته ، فان الرسالة غدا (٣٠ يونيو ٢٠٢١) تتوجه ساخنة أيضا الى (السلطة الانتقالية) ويشمل ذلك مجلس السيادة والحكومة الانتقالية( الثانية ) و(شركاء السلام) والأحزاب المشاركة في السلطة وقوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين ،كي يصلحوا حالهم ويتكاتفوا وفقا لبرنامج محدد وبآليات فاعلة ،قبل أن يتجاوزهم الشارع .
الرسالة موجهة أيضا الى قادة وعناصر النظام الديكتاتوري المباد، خصوصا الذين يتآمرون بأساليب عدة منذ نجاح ثورة ديسمبر ،و يتحركون هذه الأيام ضد ثورة الشعب في محاولة يائسة وبائسة لارجاع عقارب الساعة الى الوراء .
مضمون رسالة مواكب شباب الثورة من الجنسين الى من لفظهم الشعب بثورته السلمية تقول بصوت عال إن الجيل الراكب راسو) يقظ،ولن ينسى الشهداء والجرحى والمفقودين،ولن يسمح بالتآمر ضد ثورة (حرية،سلام،وعدالة) وأن عودة النظام القديم بشخوصه ونهجه القمعي والفاسد والفاشل هي أشبه بعشم ابليس في الجنة،كما يحلو لبعض السودانيين ان يرددوا ويكرروا القول. .
في هذا السياق أعيد اليوم الى الذاكرة ما كتبته قبل عامين في غمرة عمليات شد وجذب بشأن هل تخرج مليونية ٣٠ يونيو ٢٠١٩ أم أن التوقيت غير مناسب؟
قلت في مقالي في ٢٨ يونيو ٢٠١٩
(أدعم بقناعة تامة مواكب الأحد ٣٠ يونيو ٢٠١٩، التي أعلنت انطلاقها قوى الحرية والتغيير، لأنها تشدد على حق الشعب السوداني في استكمال الانتصار لثورته السلمية بعدما انقلب عليها المجلس العسكري واريقت شلالات دم عزيزة وغزيرة في مجزرة وحشية بشعة أمام قيادة الجيش السوداني في ٣ يونيو الماضي.
المواكب رسالة سلمية حضارية الى المجلس العسكري ليسلم السلطة للمدنيين من دون وصاية او ممارسة للعنف والقمع وأساليب كبت الحريات التي تبدو مظاهرها أكثر وضوحا حاليا في حظر خدمة الانترنت والاعتقالات وتحول القنوات السودانية الى أبواق للمجلس العسكري ومعاول لتشويه الثائرات والثوار.
قناعتي أن شعبنا سينتصر، قلت ذلك كثيرا على مدى ٣٠ عاما في زمن المخلوع عمر البشير ،وأقولها مجددا الآن ،شعبنا سينتصر لحريته وكرامته .
هذا يعني أن على المجلس العسكري اذا كان حريصا على استقرار السودان وكرامة أهله وعزتهم وحقهم في عيش كريم أن يستمع لنبض المواكب السلمية الهادرة، التي ستتواصل الى ان يتحقق تحول ديمقراطي حقيقي وتوضع لبنات دولة المواطنة التي يستظل بظلالها جميع السودانيين ).
هكذا كان رأيي وموقفي قبل عامين بشأن فاعلية صوت الشارع السوداني (المعلم).. في زمن الثورة..وزمن السلطة الانتقالية..
هذا الموقف يعبر عن قناعة قديمة..متجددة.. وخصوصا أن واقع الحال اليوم في مسيس الحاجة الى مثل هذه الرسالة..لعل وعسى أن يدرك (الجالسون على كراسي الحكم) ومن يغضون الطرف عن أخطائهم وتقاعسهم أو يبررونها أن الشارع الذي فجر ثورة شعبية سلمية باهرة قادر على هز (كل الكراسي) التي تستهين، أو تستهتر بارادة الشعب .
في هذا الاطار أرى الفرصة ما زالت سانحة للمشاركين في السلطة الانتقالية لمراجعة السياسات والتعلم من تجارب الفترة الماضية اذا كان هدفهم الأسمى يكمن في تحقيق أهداف الثورة الشعبية،وليس أجندة تخص هذا الطرف أو ذاك.
استثمروا الفرصة المتاحة الآن رغم ارتفاع معدلات الغضب .. وصبر الشعب الشديد، اذ قال بعض بناته وأبنائه في تظاهراتهم ( الجوع ولا الكيزان) (الكيزان هم الاخوان المسلمين بالسودان الذين حكموا ٣٠ عاما بقوة الحديد والنار ).. قبل أن تهب رياح تغيير كاسحة ليس في مقدور أحد أن يوقفها قبل أن تبلغ مراميها ..
محمد المكي أحمد- لندن- ٢٩ يونيو ٢٠٢١