🔹 الحلو وعبدالواحد:امتحان الوحدة والإرادة والسلام والديمقراطية
التقى في الفترة من 25_29 يوليو 2021 في كاودا وفدان من الحركة الشعبية شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، وحركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد نور، وقد خرج اللقاء بإعلان سياسي بين الطرفين من 12 بند تمثل مشتركات سياسية بين الحركتين المسلحتين، اللتان لم توقعا بعد اتفاق سلام مع الحكومة الانتقالية، بخلاف باقي الحركات المسلحة التي وقعت اتفاق سلام جوبا.
وبعد حوار عميق وجدي شفاف بحسب الإعلان، استصحب النضال التاريخي طويل الأمد للشعوب السودانية المهمشة !!!!ثمة سؤال حيوي ومهم ماالمقصود بشعوب سودانية مهمشة ؟هل السودان شعوب ام شعب واحد تعرضت أقسام منه للتهميش؟إن مصطلح شعوب سودانية مصطلح تفتيتي تقسيمي تفكيكي، لايعبر عن نزعة وحدوية لتراب الوطن، وإنما لجنوح نخبوي سبق أن عمل على انفصال الجنوب تحت ذات الزرايع والحجج المنطلقة من تغذية الاتجاهات الجهوية والاجتماعية التي فرضتها ظروف غياب التنمية المتوازنة في البلاد بقصر قامة الأنظمة والنخب التي حكمت البلاد منذ الاستقلال.
من ناحية أخرى إن مصطلح المناطق المحررة الذي يستخدم بكثرة من الحركات المسلحة، مصطلح غير موفق ، حيث السؤال البدهي أن التحرير مرتبط بسلطة استعمارية أجنبية تحتل البلاد، اما النضال السياسي السلمي أو العنفي ضد نظام حكم اي كانت شرعيته المستمدة ونهجه في الحكم لايبرر تسمية المناطق التي يرتكز عليها كقاعدة لهذا النضال بالمحررة ولاسيما في ظل الوضع الانتقالي الحالي، هذه المفردة تكرس لفهم سلبي يساعد على تعميق التمايزات افتراقا لاتوحدا.
إن اللقاء الذي تمخض عنه الإعلان السياسي الثنائي بين الحركتين، أتى ضمن ظروف سياسية تتمثل بالنسبة للحركة الشعبية-الحلو عقب جولة من المفاوضات بين الحركة والحكومة حول الاتفاق الاطاري، انتهت دون اتفاق وبرزت من خلالها تباينات في الموقف التفاوضي.
من جانب آخر، إن احتواء حكومة جنوب السودان لفصيل آخر من الحركة الشعبية بقيادة تلفون كوكو ومجموعة من أبناء جبال النوبة ذات اختلاف كبير مع عبدالعزيز الحلو ومجموعته، بل تعتبره مختطفا لقضية النوبة. هذا التطور له دلالات على مستقبل العملية التفاوضية مع الحكومة الانتقالية، ورسالة ذات مغزى للموقف التفاوضي للحلو
اما بالنسبة لحركة تحرير السودان/عبدالواحد فاللقاء يأتي عقب توقيع معظم الحركات الدارفورية لاتفاق سلام مع الحكومة الانتقالية وانخراطها في حكومة الفترة الانتقالية، وبقاءها وحيدة في المسرح الدارفوري،باحثة عن تميز تفاوضي مزعوم.
ان الظروف السياسية المحيطة بكل حركة على حدا، مقروءة مع الدعم الدولي والأقليمي للانتقال الديمقراطي سياسيا واقتصاديا، ربما عجل بالتنسيق السياسي والتفاوضي للطرفين في إطار تصليب المواقف وتقوية الفاعلية السياسية.
ثمة ملاحظات جوهرية على بنود الإعلان يمكن اجمالها في :-تحدث البند الأول عن مفهوم العلمانية كمبدا اساسي من مبادئ توحيد الدولة السودانية، في الوقت الذي تتباين فيه الرؤى السياسية حول المصطلح من حيث المفهوم والنظرة اليه وإلى تطبيقاته السياسية، وبضوء ذلك هو عنوان من عناوين المؤتمر الدستوري كواحد من متطلبات الفترة الانتقالية المعنى بحسم قضايا الدستور الدايم، ونظام الحكم، والهوية، وعلاقة الدين بالدولة.
في ذات الفقرة الوحدة الطوعية وحق جميع الشعوب السودانية في تحديد مصيرها ومستقبلها؟؟ إن الحديث عن وحدة طوعية ضمن سياق الحديث عن شعوب سودانية، حديث مناقض للحقيقة التي تفترض أن شعب السودان شعب واحد ضمن تراب وجغرافية السودان، فالحديث عن وحدة طوعية ضمن هذا الإطار تفتح الأبواب لتفتيت وتقسيم وتفكيك السودان، ضمن شعار تقرير المصير كحق أقرته الأمم المتحدة للشعوب الواقعة تحت خط الاحتلال ومصادرة السيادة، وليس ضمن حلول لقضايا مجموعات سكانية اوجغرافية ضمن بلد واحدة موحدة..
إذا كانت حركة تحرير السودان/عبدالواحد كمافي البند الرابع تؤيد إعلان المبادئ بين البرهان والحلو الموقع في 28/3/2021، وتدعم موقف الحركة الشعبية التفاوضي من الاتفاق الإطاري المطروح في منبر جوبا، السؤال ماالمانع في أن تبادر حركة تحرير السودان/عبدالواحد في المبادرة بالانضمام للتفاوض دون مماحكات نظرية لصالح الوطن ونجاح الانتقال؟؟
ان قضية التنمية المستدامة والمتوازنة جغرافيا واجتماعيا، وإيقاف الحرب احد متطلباتها، هي الكفيلة بإنهاء المفاهيم الجهوية والقبلية وفق ماورد في البند السادس، وتضع اساسا حداثويا لمفهوم الانتماء والأرض.
ان الهوية الوطنية لشعب السودان وفق ماورد في البند العاشر هي مجموعة القسمات الثقافية والحضارية والتاريخية والتي تقوم على عنصري التنوع والتعدد، وهي عملية طويلة ومعقدة وفي حالة صيرورة متحركة بعيدا عن الثبات الاستاتيكي، وهي ليست عملية سياسية برغم من أنها تتطلب إجراءات سياسية متعلقة بالاعتراف بالحقوق الثقافية وإدارة التنوع واقرارها في الدستور الوطني،وتامين حقوق كافة المجموعات السكانية في تنمية ثقافاتها المحلية ولغاتها وتراثها
ان الحديث عن الظلم والاضطهاد بمنطق جهوي اوقبلي هو حديث اختزالي لقضية عامة عانت منها كل فئات الشعب السوداني لاسيما في فترة الثلاثين سنة الماضية، حيث أن الفروقات هنا درجية ونوعية بحسب طبيعة المواجهة واختياراتها مع النظام السياسي.
يصبح الحوار بين القوى السياسية وكذلك الفصائل المسلحة مطلوبا ومهما خاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد.
وتبقى قضية وقف الحرب وتحقيق السلام هي ركيزة أساسية من ركائز ثورة ديسمبر وبدونها تظل قضية التحول الديمقراطي محاطة بتحديات الانتكاس والتراجع، تقتضي المسؤلية الوطنية لطرفي الإعلان السياسي الحلو/عبدالواحد أن ينتخيا لاهداف الثورة ووحدة الوطن وإرادة الشعب، بتسريع الاتجاه نحو تحقيق السلام وقطع جذور الحرب إلى غير رجعة…