صارت عصبة الطغيان بقيادة البرهان تلجأ الى التلفيق، لمداراة عجزها الفاضح في الحصول على أي سند من الشارع، وكل التقارير عن التوصل مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الى توافق او تفاهم حول هذا الأمر او ذاك كذب صراح، والغرض منه إيهام الناس بأن حمدوك “باع الثورة”، وما هو حادث فعلا هو ان حمدوك أبلغ جميع الوسطاء بينه وبين طغمة الانقلاب أنه لا يملك صلاحية التفاوض نيابة عن قوى الثورة، وأنه لا مجال لأي تفاهم مع العسكر ما لم يتم تحرير جميع الوزراء الرهائن ليعودوا الى مناصبهم بموازاة إبطال جميع القرارات التي أصدرها البرهان منذ 25 أكتوبر، وبعدها يتقرر التفاوض او عدمه
ويعتمد الانقلابيون على التلفيق والكذب عبر الوسائط لتزوير الحقائق، ولديهم لتلك الغاية كتائب الكترونية كثيرة العدد والعتاد، ولكن يفوت عليهم أن إصرارهم على الاستمرار في قطع الانترنت دليل عجز وخوف، لأنهم يدركون ان وجود تواصل فعال بين فئات الشعب ليس في صالح مشروعهم التسلطي، وبلغت بهم السذاجة السياسية حدا مضحكا، فبالأمس مثلا أجرى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن اتصالا مع حمدوك والبرهان، فما كان من إعلام البرهان الذي يمارس سياسة التجهيل والتضليل إلا أن قال إن البرهان أبلغ بلينكن أنه سيعمل على اكمال الفترة الانتقالية وحفظ الامن في البلاد، ولم يذكر حرفا مما قاله له بلينكن وهو كما أوضح نيد برايسي الناطق باسم الخارجية الأمريكية: الاعجاب الشديد بجسارة الشعب السوداني في تمسكه بالتحول المدني الديمقراطي، وضرورة عودة الحكومة لممارسة مهامها ثم إطلاق حوار بين جميع الأطراف
وجميع الشواهد تؤكد ان البرهان وصحبه “مزنوقون”، بعد ان تأكد لهم أنهم بلا سند شعبي وان من شجعوهم على الانقلاب من شركاء الدم أيضا بلا سند حقيقي، ولهذا يحاولون خلق واقع جديد يعززون به مواقفهم عند بداية التفاوض الذي يحلمون ان يخرجهم من الورطة التي دخلوا فيها، ولهذا تتواصل حملات الاعفاء من الخدمة بالجملة والاعتقالات، وما يفضح خزيهم وهوانهم انهم يرسلون أشخاصا بملابس مدنية وعلى سيارات بلا لوحات لممارسة الاعتقال (وتخيل ان جماعة تستخدم سيارات بوكو حرام لتسيير العمل تزعم انها شرعية)
وهل هناك هوان أكثر من ان البرهان الذي يريد تحقيق حلم أبيه بحكم السودان سعى لنيل مباركة مصر وإسرائيل على الانقلاب، ولا يجد في الساحة الدولية غير ديكتاتور روسيا فلادمير بوتين نصيرا (مقابل استمرار الروس في سرقة ذهب السودان وفوزهم بقاعدة عسكرية في بورتسودان)
والشاهد: كل ما يقال عن التوصل الى اتفاقات جزئية مع حمدوك كذب صراح، والبرهانيون يراهنون على ان عامل الزمن قد يضعف المعارضة الشعبية لانقلابهم، بحيث يخرجوا بتسوية تحفظ ماء وجوههم عند التفاوض مع قوى الثورة، ولكن لا أحسب ان عاقلا سيرضى بوجود البرهان وحميدتي ومن شايعهما في المسرح السياسي بعد افتضاح غدرهم وحنثهم بالعهود ونزعاتهم التآمرية
جعفر عباس
تسلم ياجعفر ويحيي القلم الحر والنصر قادم