لم أكن أود الخوض في شأن اتفاق البرهان – حمدوك الذي كنا نظن وبعض الظن جهل ان حمدوك أُرغم على توقيعه لكنه ظهر في لقاء مع قناة الجزيرة الفضائية وهو يبرر توقيعه وكأن شيئاً لم يكن.
لن أتناول موقف الدكتور حمدوك المخزي الذي أربك الساحة السياسية أكثر وترك الباب مفتوحاً أمام الانقلابيين لاستمرار هيمنتهم وسط تحليلات فطيرة ومتضاربة حول من المنتصر ومن المنهزم في هذا الاتفاق المعيب وكان مصير السودان أصبح رهيناً بهما.
لم تعد التصريحات النظرية تقدم إن لم تؤخر خاصة تلك التي تتحدث عن الوثيقة الدستورية الي تم تمزيقها أكثر من مرة منذ إتفاق جوبا للسلام وحتى الانقلاب عليها، ومازال حمدوك يصرح بأنه تم الاتفاق مع الانقلابيين على الالتزام بها فيمازال البرهان وعصبته يمسكون بزمام السلطة على قمة مجلس سيادي بديل مختلف عليه ولا أثر له مع تغييب للحكومة المدنية المنقلب عليها.
كنت من المدافعين عن الوثيقة الدستورية التي انتقدتها بعض قوى الثورة ورفضت الشراكة الضيظى بين المدنيين والعسكريين الذين تسيدوا الموقف واختطفوا ثورة ديسمبر الشعبية قبل أن ينقلبوا عليها.
الان هناك اتفاق على رفض العودة للوثيقة الدستورية المنقلب عليها وانه لاعودة مرة أخرى لاشراك الانقلابيين فيما تبقى من الفترة الانتقالية والالتزام بخيار الشعب الذي أجمع على رفض الانقلاب واستمرار وجودهم في السلطة.
إن تسليم السلطة للمدنيين ليس مطلباً فوقياً يتم التفاوض حوله بين أطراف متشاكسة إنما هو مطلب شعبي واجب التنفيذ بلا مماطلة أو مساومة أو ترضيات أو أي محاولة لاستمرار أي شكل من أشكال التمكين للانقلابيين في الحكم.
هذا لايعني كما يدعي من يسعون للتشويش والتضليل إقصاء القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى ولا الدخول معها في صراع عدمي أواستغلالها حزبياً لعرقلة مسار الانتقال السلمي للحكم المدني الديمقراطي، بل هناك إجماع على ضرورة استقلالها وتأمين قوميتها ومهنيتها وتعزيز دورها الدفاعي والأمني لخدمة السودان وشعبه وليس لخدمة جزب أو جبهة حاكمة.