(1) معلوم بالضرورة، بأنك سمعت بالحديث الذي يقول، شهر رمضان أوله رحمة واوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، برغم أن بعض العلماء تحدث بضعف هذا الحديث، لأن فيه تضيق على رحمة الله التي وسعت كل شيء ولا حد لها، ودعونا ونحن في هذه العشر الأواخر من رمضان، ندعو الله ان يعتق رقابنا ورقاب آباؤنا وأمهاتنا وسائر المسلمين من النار، كما ندعو الله أن يعتق رقابنا واسماعنا وأبصارنا من هذه المبادرات التي تترى علينا من كل الجهات، وهي بالضرورة موجهة لجهة واحدة، وهي سلطة انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي التي تحتفل في الخامس والعشرين من هذا الشهر ابريل، بشهرها الخامس، فاصبحت هذه السلطة، مثل خراش الذي تكاثرت عليه الظباء، فاحتار في أمرها، والسيد خراش الماهر في صيد الظباء والغزلان، كان كلما وجه سهمه نحو ظبي، وجد آخر أفضل وأسمن منه، وبقي على هذه الحالة من التردد واتخاذ القرار، حتى مرت كل الظباء من حوله ولم يصطاد حتى أرنب، بسبب تردده، و طمعه وجشعه، نفس المبادرات تترى والسلطة الإنقلابية محتارة.
(2) وفي هذه العشر الأواخر من شهر رمضان، شاهدنا عديد الافطارات الرمضانية الفخيمة التي يقيمها كبار القوم، وقد بدأها السادة أعضاء السلطة الإنقلابية، الجنرال ياسر العطا، ثم تبعه آخرون من أعضاء مجلس السيادة الانقلابي، وتبعه أيضاً رجال المال والأعمال، وبالامس أقام السيد الوجيه (ليست وجاهة سيدنا عيسى عليه السلام، وانما هي صفة خاصة بنا السودانيين، )ورجل الأعمال ورجل البر والإحسان ورجل الإدارة الأهلية، صديق ودعة، افطار رمضاني فاخر، دعا له كبار القوم، وهو حر في ماله يبدد كيف شاء، ولكن المهم أنه أصبح لكل إفطار رمضاني، برنامج مصاحب، تماماً كما كان يفعل النظام المباد، نظام المؤتمر الوطني البائد، ولكن البرنامج المصاحب هذه المرة، عبارة عن مبادرة ظاهرها، وضع حلول للأزمة السياسية السودانية القاتمة، وباطنها البحث عن خروج آمن لقادة انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي.
(3) ولكن في هذا الوقت الذي كان فيه كبار الشخصيات يتناولون افطار رمضان كانت رحى الحرب تدور في كرينك وفي الجنينة، فقتل العشرات، وجرح المئات، وحرقت واتلفت الممتلكات الخاصة والعامة، وكرينك أو الجنينة، يعرفها السيد صديق ودعة، أكثر منا، وكرينك التي مازالت وستظل تبحث عن حلول جذرية لمشاكلها، ولا تجد من يهتم بها، لأن علية القوم، والذين هم مكلفين بقضاياها، هم في شغل فاكهون، وهم في واد غير وادي كرينك، وفي هموم غير هموم مواطن كرينك على وجه التحديد وباقي هموم المواطنين السودانيين على وجه العموم، هم يبحثون عن طوق النجاة لإنقاذ السلطة الإنقلابية مما أوردت نفسها فيه، بينما كل ولايات السودان التي يكثر فيها الهرج والمرج، وتعاني من تردي الأوضاع الاقتصادية، وضنك المعيشة، فلا أحد يهتم بهم بل ولا بواكي عليها، تبت يد أعداء الثورة.
الجريدة