لا تخافوا على الثورة بحجة انها لم تقم دولتها بعد، فالثورات ليس المطلوب منها ان تقييم دولة كيفما اتفق، وانما المطلوب منها ان تغير الانسان. تغيير الانسان هو الذي سيأتي بالدولة التي ترجوها الثورة وليس العكس.
وتغيير الانسان هو اكثر الاهداف الثورية صعوبة وتعقيد، ولتبيان ذلك يمكنك النظر الى اردول والتوم هجو ومن لف لفهما من الذين كانوا يحاربون انقلاب الانقاذ من أجل الديمقراطية، ثم في اول اختبار لقناعتهم هذه انحازوا للانقلابات ضد الديمقراطية!!
لذلك بناء الانسان اكبر فائدة من بناء الدولة، والتغيير الذي يستهدف الانسان هو الابقى أثرا والأكثر استدامة.
الثورة الفرنسية زرعت الأفكار وفشلت في بناء الدولة، فدولتها ورثها الامبراطور نابليون بونابرت وبرجوازيته، ولكن الأفكار المزروعة في الجماهير أعادت صناعة دولة الحريات والمساواة في المستقبل، وانتهت دولة الطغيان والجبابرة في فرنسا للابد.
الانبياء والمرسلين الكرام لم يقم معظمهم ببناء دول وحكومات، وانما اهتمت رسالاتهم بنشر الأفكار الجديدة وتغيير الناس، الرسالات الإلهية كلها ثورات تغييرية هدفت إلى تغيير الانسان، والانسان اذا تغير تغير معه كل شيء سواء الدولة او المنزل او السوق.
نجحت ثورة أكتوبر ١٩٦٤ في اقامة دولة ديمقراطية، ولكنها سرعان ما سقطت، لان الثورة استهدفت الدولة ولم تستهدف الانسان، كذلك نجحت ثورة ابريل في اقامة دولة ديمقراطية، ولكنها سقطت أيضا بسرعة، فالتغيير كان سطحيا اهتم بشكل الدولة ونمط السياسة ولم يتغلغل إلى أعماق الناس.
حتى وإن أقامت ثورة ديسمبر دولة ديمقراطية، فإن عجزها عن تغيير قناعات الناس سيجعل مصير دولتها السقوط في أيدي الطغاة.
إستمرار جذوة الثورة لأكثر من ثلاث سنوات، وتمدد وعيها بين الاجيال الجديدة هو اكبر بشريات حدوث التغيير المطلوب في الجماهير، وهذا ان حدث فان موعدنا الديمقراطية المستدامة عاجلا ام اجلا.
عليه نقول لشباب الثورة المتدفقين عزما وحزما وهتاف، التغيير المنشود يبدأ منكم، غيروا أنفسكم وكونوا صورة النموذج المطلوب من إنسان سودان الغد، الذي يؤمن بحرية الغير وبالمساواة بين الجميع وباحقية السلام وضرورة العدالة، وعندها فقط ستغيرون التاريخ تماما كما قال مالك بن نبي: ( غير نفسك تغير التاريخ).
sondy25@gmail.com