عندما اصدر الكاتب الكبير فؤاد مطر كتابه القيم ( الحزب الشيوعي السوداني نحروه أم انتحر ) بعد الأحداث الدامية في العام ١٩٧١ ومآلات تلك الأحداث التي ظل الحزب يعاني منها حتى يوم الناس هذا ولا أدري ماذا كان سيقول فؤاد مطر لو كان موجودا بين ظهرانينا اليوم من هذا العبث الذي يحدث باسم الحزب الشيوعي .
بداية وقبل شيء كنت أعتز جدا بالحزب الشيوعي ولي أصدقاء كثر من أعضاء هذا الحزب ولا ينكر إلا مكابر مواقفه الصلبه ونضاله المستميت من أجل اقتلاع كل النظم الديكتاتورية التي جثمت على صدر هذا الوطن من عبود مرورا بالنميري ثم البشير وأخيرا طاغوت هذا العصر البرهان .
كل ما ذكرته لا يثنينا من قول الحق الذي نراه ولو على أنفسنا .
البيان الذي أصدره الحزب الشيوعي أمس أعتبره سقطه تاريخيه ويجب أن يحاسب عليه الحزب الشيوعي فليس هناك كبير على المحاسبة الثورية . فليس من المنطق وليس من العقل وليس من النضال في شيء أن يصدر الحزب الشيوعي بيانا وللاسف الشديد يحدد فيه زمن وتاريخ إصدار البيان بدقة شديدة( ٣٠ يونيو ١٩٠٢٢ الساعة ١٢ ظهرا) ويهاجم فيه أحزاب محددة وبالأسم الواضح وبدون أي دبلوماسية في الخطاب الإعلامي( حزبي الأمة القومي والمؤتمر السوداني ) في سابقة تعد الأغرب في السياسة السودانية.
لاحظوا اختيار وقت البيان وتاريخه في تلك اللحظات التي اصدر فيه الحزب بيانه كان الشعب السوداني كله داخل الخرطوم وعدد من مدن السودان الأخرى يخرجون بالملايين وبصدورهم العارية يواجهون عسكر الانقلاب فسقط منهم ثمانية من الشهداء وجرح المئات . شباب كورود وازهار الربيع يملأون الطرقات لا يملكون إلا حناجرهم القوية فيسقط منهم من يسقط شهيدا أو جريحا والبقية لا يتراجعون بل يرغمون العسكر على التراجع.
شباب لم يقولوا أنهم ينتمون للحزب الشيوعي أو الامه أو البعث كان إنتماؤهم لهذا الوطن .. لم يخرجوا من أجل هذا الحزب أو ذاك إنما خرجوا لانقاذنا إنقاذ وطننا من هذا الوحل الذي سقط فيه
فلماذا هذا البيان الغريب والذي لا يشبه نضالات الحزب الشيوعي وفي هذا الوقت بالتحديد ؟؟ وما الفرق بينكم وبين من يريدون هزيمة الثورة من قوى الردة والنظام البائد .
قولوا لي أيها الشيوعيون ما الفرق بينكم وبينهم ؟؟ كلاكما تضربون الثوار ضربات موجعة ( وتحت الحزام) .
ثم دعوني أسألكم بكل صدق.. منذ متى كنتم تحددون ساعة إصدار بياناتكم بهذه الدقة المذهلة؟
راجعت كثير من بياناتكم ولم أجد تحديد لزمن إصدار البيان إلا في البيانين الصادرين أمس( بيان عند الساعة ١٢ وبيان آخر عن الساعة ٤ عصرا)
ومن نافلة القول هنا أن البيان الثاني والذي اصدرتموه عند الساعة ٤ عصرا كان بيانا فقط للاستهلاك ومحاولة مسح آثار البيان الأول.
وسؤال آخر الذين صاغوا البيان .. ماذا كنتم تفعلون الساعة ١٢ ظهرا في الوقت الذي كان فيه كل الشعب في الشوارع؟؟ هل كان لديكم الوقت الكافي لصياغة البيانات ثم طباعتها وتوزيعها ؟؟
وسؤال آخير ورغم أنه من سياساتكم الداخلية ولا يحق لي التدخل فيه ولكن اضطررت اضطرارا لتوجيه هذا السؤال .. هل هذه البيانات تعرض على اللجنة المركزية للحزب قبل نشرها ؟ أن كانت الاجابة نعم فتلك مصيبة وان كانت لا فالمصيبة أعظم .
اتمنى صادقا أن يراجع الحزب الشيوعي مواقفه بكل تجرد وان يعيد تنظيم خطواته وان يراجع حساباته جيدا . ووالله يعز علينا أن نرى هذا الحزب بهذا التخبط
يا عقلاء الحزب أدركوا هذا الحزب فالسوس قد بدأ ينخر في عظامه .
كان الله في عوننا