منذ أكثر من عشر سنوات وأنا أحاول جادا أن أنقل مزرعتي إلى مزرعة منتجة وجاذبة . حاولت بكل ما أقدر ، واستقطعت من قوت أسرتي لأحدث هذه النقلة بالمزرعة . سعيت سعيا طفيفا للتعامل مع الإقراض البنكي ( تمويل ) ، وكنت أسعى للشراكة مع أي جهة تمويل ، وكلهم يطلبون رهنا ، وعندما أقول لهم يمكنني أن أرهن المزرعة ، يقولون أن الأراضي الزراعية قيمتها منخفضة ، لكن لو ترهن منزلك أو أرضك السكنية فإن البنك سيقبل . وأنا عارف أن هذا الحديث يقال لي لأنني لست على دين الحاكم ( المؤتمر الوطني ) .
المهم يا سادتي ارتفعت تكلفة التمويل الزراعي بشكل مخيف، وشحّت مياه الري ، وارتفع سعر الوقود الذي يمكن أن أستخدمه في عربتي التي تقلني إلى المزرعة وتدنت أسعار البيع وعائد المزارع . والعمّال ، العمّال ، وما أدراك ما العمال ؟ دول كوم براهم ، فكل ما تتوقعه منهم لن يأتي .
كنت أحلم بمزرعة منتجة ، أعزم إليها أصحابي وأصطحب إليها أسرتي، وأهدي منها لجيراني . أُسرّ بمنظر الغنم والدجاج والحمام وحليب البقر . أقيم فيها بعض مناسبات الأسرة ، وأمضي فيها بعض أمسياتي وربما بعض الليالي هربا من الكدر الحضري .
لم أجد من يعينني على ما أريد ، ولم أجد يدا تمتد إلي وتقول هات عنك . أولادي لم يقصروا ، لكنّ العين بصيرة واليد قصيرة . فاجتمع الرأي على التخلص من المزرعة التي أصبحت عبئا بلا طائل . وللأسف البداية بشوية الغنم التي طالما استمتعنا بها ، وبمنظرها وهي تأكل وتشرب وتلد وتكبر وتشيخ ، وتذبح أو تؤخذ للسوق .
وهنا أيضا يتدخل السيد السمسار ويطمح أن يحقق لنفسه المكاسب على حساب خسائرك المادية والمعنوية .
ألم أقل لكم من قبل أنني لا أرغب في إعادة العيش مرة أخرى فوق هذه اللابسيطة .