تمر مدينة المناقل والقرى التي من حولها باسوا كارثة تشهدها هذه المنطقة الآمنة المطمئنة منذ عشرات السنين، الاف المنازل انهارت بالكامل، الاف المنازل على وشك الانهيار، الاف الافدنة الزراعية تدمرت، عشرات المؤسسات العامة من مدارس ومساجد ومراكز صحية تضررت، الاف المواطنين بلا سكن ولا مأوى.
كل هذا يحدث وحكومة الانقلاب تتفرج، واقصى ما استطاعت فعله ان ارسلت عضو مجلس السيادة الطاهر حجر الذي تبرع للمتضررين بمبلغ عشرة مليون جنيه!!! حكومة كاملة تتبرع لالاف المتضررين بعشرة مليون جنيه!! مع العلم ان هذا المبلغ تبرع به تاجرين اثنين فقط من ابناء المناقل في الحملة الشعبية التي تدافع إليها ابناء المناقل داخل وخارج السودان.
السبب الرئيسي في هذه الكارثة هو خروج مياه قنوات الري عن السيطرة وانهيار الحواجز الترابية للترع والميجرات والكنارات واندفاع المياه خارجها لتجد امامها أرض تشبعت بمياه الأمطار ولم تعد تستطيع امتصاص المزيد مما جعل هذه المياه الضخمة السريعة تندفع في كل الاتجاهات كاسحة المنازل والمزارع والمؤسسات العامة بصورة فجائية.
وزارة الري قالت أن مياه القنوات ليست السبب في غرق المناقل!! ثم قالت إنها قطعت مياه الري بالترعة الرئيسية للمناقل وفروعها بعد ظهور الكارثة ليصل المنسوب بالقنوات إلى الصفر!!! السؤال البريء، اذا كانت القنوات ليست مسؤلة عن الغرق فلماذا اغلاقها يا وزارة الري!!!
مشروع الجزيرة يعاني من الإهمال منذ وقت طويل بدا في عهد الإنقاذ ووصل إلى اسوا مراحل الفوضى والإهمال في عهد حكومة الانقلاب هذه، وإذا استمر هذا الانقلاب العسكري فان المناقل موعودة بأن تنمحي من الخارطة تماما، فهل يسمع الاهل بالمناقل؟!!
غرقت نهر النيل فذهب إليها رئيس مجلس السيادة ونائب رئيس مجلس السيادة ومدير عام الشركة السودانية للموارد المعدنية، وتبرعوا لها باثنين مليار جنيه، بينما تبرعت ذات هذه الحكومة بمبلغ عشرة مليون لغرق المناقل بمعنى تبرعوا لها بما يساوي 0.5% فقط من تبرعهم لنهر النيل!!! وهذا يوضح التحيز والتمييز والتفرقة التي تتحكم في هذه الشلة الانقلابية التي لا تحمل من أخلاق السودانيين شيئا ولا تستحق ان تجلس يوما واحدا في كرسي السلطة.
والغريبة ان وزير المعادن بدل ان يسكت احتراما لما تعاني منه الاف الأسر السودانية في المناقل صرح قائلا بأن وزارته تبرعت لنهر النيل لأنها تنتج الذهب ولا تستطيع ان تتبرع لأي منطقة كوارث اخرى غير منتجة للذهب!!
لا أظن أن هذا الوزير البائس يعلم ان مشروع الجزيرة والمناقل ظل لسنوات طويلة ينتج ما يعادل ٦٥% من إنتاج السودان ويتم توزيع هذا الإنتاج على جميع مناطق السودان ولم نسمع يوما مدير مشروع الجزيرة يقول بأن الجزيرة غير معنية ببقية مناطق الوطن.
المناقل وأهلها قادرون على الخروج من الازمة بتكاتف أهلها وتعاضدهم، ولكن الدروس التي يخرجون بها ان هذه الحكومة الانقلابية غير جديرة بالبقاء، وأن المستقبل في وجودها يعني تمزيق الوطن بسياسة (الخيار والفقوس)، وأن إسقاط (عصابة الذهب) هو واجب الجميع.
يوسف السندي
sondy25@gmail.coms