كنت مشفقًا على اللجنة التمهيدية لنقابة الصحفيين السودانيين برئاسة الزميل الأستاذ عبدالمنعم أبو إدريس، والجمعية العمومية تلقي عليها عبء تمهيد الأرض، وتهيئة البيئة لنهوض النقابة، التي سطا عليها النظام البائد عبر عدد من الهتيفة والانتهازيين، الذين اتخذوا اتحاد الصحفيين مطية لتمكين النظام، ولاختراق المهنة بجحافل من الأمنجية والكتبة، ليحلوا محل أهل المهنة الذين هجرها كثير منهم، وهم في البلد، ومنهم من اختار المنافي باحثاً عن لقمة عيش شريفة، ولمواصلة مقاومة النظام بالقلم الذي لا يعرف غيره.
أنجزت التمهيدية مهمتها بكفاءة استحقت عليها الإشادة، على الرغم من ضيق ذات اليد، وأصرّت على تسليم الأمانة خلال المدّة المحددة لها، وقد تعاطف معها زملاء أفاضل، وعدد من الكيانات الصحفية في الخارج، ونحمد الله أن كانت جمعية الصحفيين السودانيين بالسعودية من بينها، على الرغم من ظروف الاغتراب المعلومة للجميع.
ونظم الصحفيون عملية انتخابية وجدت التقدير من جموع الصحفيين، ومن المتابعين من الحادبين على العملية الديمقراطية في البلاد، بوصف أن انتخابات النقابة اختبار حقيقي لا للصحفيين فحسب، ولكن لعموم السودانيين، للوقوف على مدى قدرتهم على الوفاء باستحقاقات تلك العملية، التي تتجسد فيها شعار ثورتنا “حرية.. سلام.. وعدالة”.
نجح الصحفيون بامتياز، إذ شكلوا ثلاث قوائم، طرحت كل واحدة منها برنامجها، وقدمت مرشحيها، ونظمت مناظرات حضارية بينها، كما أن المستقلين وجدوا فرصتهم للتعبير عن أنفسهم، وطرح رؤاهم، وتُرك الاختيار للقاعدة الصحفية، لتحديد من تراه جديراً بقيادة النقابة في مرحلة حساسة تتطلّب تضافر الجهود، لتجاوز التحدّيات والعقبات، التي أطلت برأسها من صحفيي النظام البائد الذين تنعموا في ظل غياب الصحفيين الحقيقيين عن الساحة، بل في ظل تغييبهم ومحاربتهم من النظام.
حاول هؤلاء التشكيك في سلامة العملية الانتخابية، وجاء التشكيك من رئيس اتحاد الصحفيين المحلول، والمسجل العام لتنظيمات العمل، ومن فلول النظام من الصحفيين، الذين فقدوا مزايا تمتعوا بها على مدى 30 عاماً من دون حق.
والسؤال الذي يوجه إلى هؤلاء، هل كان النظام الذي منحكم الامتيازات، وشرد أهل المهنة يملك أي نوع من الشرعية، حتى تتباكون اليوم على النظم والقوانين واللوائح؟
لقد أعطت القاعدة الصحفية والجمعية العمومية للانتخابات شرعيتها، وأثبت الصحفيون أنهم الرواد دومًا، وأنهم ركن رئيس في البناء الديمقراطي، وأن تكون نقابتهم المبادرة لإعادة العمل النقابي إلى مساره الطبيعي، بعد أن تغول عليه السياسيون والانتهازيون، دليل على أنهم الطليعة في ترسيخ قيم الممارسة الديمقراطية.
رسم الصحفيون مشهداً حضارياً، وقد عمت الفرحة جميع من خاضوا العملية الانتخابية ورشحوا أنفسهم لنيل شرف تمثيل زملائهم، والدفاع عن مهنتهم، لا فرق في ذلك بين فائز وخاسر، فالإحساس العام أن الجميع فائزون، وأن هذه الانتخابات عرس ديمقراطي، ينبغي أن يسعد به كل أهل المهنة سواء في داخل الوطن أو خارجه.
التهنئة خالصة لمن نالوا ثقة الصحفيين، والثقة بأن جميع القاعدة الصحفية ستظل داعمة لهم، من أجل أن ترسخ خطا النقابة، وتمضي نحو غاياتها بتميّز يليق بكل منتمٍ إلى هذه المهنة.