هناك مكر كبير، يحاك ضد الشعب السوداني، يخطط له الإخوان المسلمون، وينفذه البرهان.. وهم الآن يسعون إلى ادخال حميدتي، في مخططهم بصورة سافرة، بعد أن أبدى عدم تعاونه مع حملتهم الفاشلة، التي رفعوها تحت عباءة الشيخ الطيب الجد. هم الآن يقابلون حميدتي سراً، ويحاولون إغرائه بما فعلوا له في الماضي، وما يمكن أن يضمنوا له من سلامة في الحاضر. وجوهر المخطط هو إبقاء الحالة الراهنة على ما هي عليه. الشباب يتظاهرون فيقتلون منهم واحد أو ثلاثة، ويعتقلون عشرات، يعذبونهم، ويرهبونهم، ويغتالون العناصر الصلبة منهم، ويمضي الوضع كما هو. والشعب يصبر على الغلاء والجوع، لأنه يعيش في أمل أن تتوحد القوى الثورية، وتعلن برنامجاً واضحاً، تستبدل به الحكومة العاجزة عن كل شئ. ولكنهم يسعون بين الاحزاب بالفتنة، حتى لا يتفقوا أبداً، ويطرحون المبادرة تلو الأخرى، بحجة أنهم ساعون الى الحل، وهو ساعون الى تطبيع حالة القتل اليومي، والغلاء، وقطع الماء والكهرباء، والاستمرار في نهب مؤسسات الاخوان المسلمين لما بقى من رمق الشعب.
ولما كانت حكومة البرهان، مجرد ترضيات لعناصر الاخوان المسلمين، فإنه لا يستطيع محاسبتهم، أو ابعادهم، وليس لديه بدائل عنهم. لذلك كل وزير أو كيل لا يتخذ أي قرار، وإنما يقبض فقط راتبه ومخصصاته، وليس لديه موجِّه لما يفعل أو يترك. لهذا حدثت نكبة المناقل، وغرقت القرى، ومات المواطنون، وهدمت منازلهم. ولم يكن السبب كارثة طبيعية وإنما تآمر أخذ صورة إهمال وعجز وفساد الإدارات. إن المسؤول عن مأساة المناقل بعد البرهان، هو وزير الري، ووزير المالية. فالأول لم تستطع ادارته قفل كسور ترع ري المشروع، وهي التي سببت الغرق. ولقد ذكر في تصريحه لسونا- والذي حذفته فيما بعد- أنه تم فتح ممرات مائية بالخطأ، ما نجم عنه تدفق المياه من النيل الاورق للقرى. فمن الذي ارتكب الخطأ؟ وماذا فعل الوزير له ؟ وإذا كان خطأ وزارتك تسبب في ازهاق اراواح ألا يجب عليك ان تستقيل؟! ألا يجب على رأس الدولة أن يحاسبك ؟ أم أن ارواح الناس لا تعني عندكم شئ؟! والمسؤول الثاني عن الكارثة هو وزير المالية. فحكومة الاخوان المسلمين قامت أثناء تحطيمها ونهبها لمشروع الجزيرة، ببيع الآليات الضخمة، التي تقوم بالحفر والردم، للنافذين في حزبها. وحين قامت الثورة، ارجعت لجنة تفكيك النظام البائد هذه الآليات الى وزارة المالية. ولكن بعد انقلاب البرهان في اكتوبر 2021م، قام وزير المالية بارجاع الآليات لهؤلاء “الحرامية” فجروا بها الى مناطق التقيب عن الذهب، وتركوا المشروع دون آليات. ولهذا لم تستطع الادارات الميدانية مواجهة الكارثة.
يجب على مواطني المناقل، والقرى المتضررة في الجزيرة، وفي جنوب دارفور، أن يرفعوا شكوى للمحكمة الجنائية الدولية ضد البرهان، بدعوى إن ما ارتكب ضدهم، ليس مجرد إهمال، وإنما هو إبادة جماعية متعمدة. وهي مواصلة في جرائم النظام البائد، بعد أن اعاد البرهان عناصره لمواقع السلطة. وهي جريمة عنصرية، لأن البرهان زار ولاية النيل، وخاطب المواطنين في “المكايلاب” ووجه “اردول” بأن يعطيهم مليارات، ليعيدوا بناء قريتهم، ولم يفعل نفس الشئ للآخرين.
لقد حملت لجان المقاومة، التي يقودها الشباب، عبء الثورة الأكبر، ودفعت مهرها بالارواح الطاهرة الواعدة، دون تردد ودون وجل. وعليها الآن ألا تقع في مخطط الاخوان المسلمين الماكر، بتطبيع وضع القتل اليومي، وجعله ظاهرة عادية، تمر على الناس وتتكرر. يجب أن تفاجئ لجان المقاومة، حكومة الانقلاب، بفعاليات جديدة، من الاعتصامات، والاضرابات على مستوى المدن والأحياء في كل مدن السودان. لابد من ابتكار اساليب جديدة من النضال اليومي، تخرج بالبلد من حالة الرتابة، وتخلخل النظام المتهالك. وعلى كافة المهنيين أن ينتخبوا نقاباتهم الحرة، ويخططوت سوياً للاضراب السياسي العام. ويجب على لجان الأحياء توجيه المواطنين للاحتجاجات اليومية، على الغلاء، وعلى قطع الماء والكهرباء، بالوقفات الاحتجاجية داخل مكاتب هذه الخدمات.
إن قوى الثورة لن تنتصر سياسياً على الاخوان المسلمين، إلا إذا قادت حاملة واسعة وسط الشعب لمقاطعتهم اجتماعياً. ويمكن ان تقود لجان المقاومة هذه الحملة تحت شعار (لا تعامل مع الكيزان). ويجب أن تبدأ المقاطعة من الحي في القرية، فلا يزوروهم، ولا يحضرون افراحهم، ولا مآتمهم، ولا يشترون منهم، ولا يشاركونهم في أي نشاط أو عمل، ولا يتحدثون معهم. وكل من يعلن خروجه منهم يقبل في مجتمعه، ويتم التعامل معه. ولقد سبق أن دعوت إلى هذا لأمر في عام 2014م، حين قاموا بارتكاب جريمة اغتصاب أكثر من 200 إمرأة سودانية في قرية “تابت” بشمال دارفور. وهاهم اليوم يتسببون في قتل الأبرياء، ويحاولن أن يجعلوه أمراً طبيعياً، ويستمروا في الحكم من وراء البرهان.
لا تتركوهم يستغلوا منابر المساجد، ويسخرونها لخدمة اجندتهم، ولا تصلوا خلفهم فليس لديهم صلاة! ألا تذكروا كيف هاجموا حكومة حمدوك، وكفروها، لأنها ناقشت الموافقة على اتفاقية “سيداو؟! ولكننا نقرأ هذه الايام (من جانبه أكد وزير الخارجية المكلف علي الصادق استمرار الجهود للدفع للمصادقة على اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة ” سيداو” وقال أن السودان يبذل جهداً مقدراُ بشأن مواءمة القوانين الوطنية مع الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي اصبحت البلاد طرفاً منها) وهكذا وافقت حكومة البرهان على اتفاقية “سيداو”، كما وافقت من قبل على التطبيع مع اسرائيل، فلماذا لم نسمع بكاء الأشياخ على الإسلام من منابر المساجد؟ ولماذا لم يكفروا البرهان كما كفروا حمدوك؟! ولماذا صمت اشياخ الوهابية صمت القبور ؟! وما رأي مبادرة أهل السودان التي جمعت فلول الكيزان؟!
لقد حكم الإخوان المسلمون لمدة ثلاثين عاماً، أقصوا فيها كل من سواهم، وقتلوا، وشردوا، واغتصبوا، ونهبوا، ودمروا، ولما فقدوا السلطة لثلاثة سنوات فقط، لم يتضرروا خلالها، لم يستطيعوا الصبر على ذلك، ويريدون أن يعودوا ليحكموا هذا الشعب الكريم، فيسومونه سوء العذاب، ويعتمدون على المكر، واستغلال البرهان وحميدتي لتنفيذ هذا المكر.. ولكن (قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا ۚ إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ) اللهم لك الحمد ولك المجد.