كشفت تقارير صحافية عن إصدار وزارة الحكم الاتحادي توجيهات لـ3 ولاة، القضارف، نهر النيل، الشمالية، قضت بمنعهم انتقاد المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية مبارك أردول عبر وسائل الإعلام، بجانب منعهم من الحديث عن وجود تجاوزات في الشركة فرع ولاياتهم أيضا في الإعلام، إلاّ عبر القنوات الرسمية. وطالبت الوزارة بحسب صحيفة الحراك السياسي الصادرة، السبت، هؤلاء الولاة بتقديم شكاويهم ضد الشركة في حالة وجود تجاوزات عبر القنوات الرسمية، لمخاطبة الجهة المعنية بالشركة لاتّخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية في مواجهة المسؤول الأوّل من الشركة..هذا التوجيه الوزاري يعيد للأذهان ما يعرف بقانون (عيب الذات الملكية، الاميرية، السلطانية) أو الذات الحاكمة، الذي سبق ان أصدرته بعض الدول الاقليمية الشمولية المحكومة بالنظم الملكية والسلطانية، ويقضي القانون القراقوشي هذا، بمعاقبة كل من يتعرض بقول أو فعل أو كتابة أو رسم أو غيره من طرق التمثيل، يكون فيه مساس تصريحا أو تلميحا مباشرة أو غير مباشرة بحق هذه (الذوات الرئاسية) المنزهة عن النقد، بأن توقع عليه عقوبة السجن، وكما ترون فان هذا القانون الجائر الذي يضع الذوات الرئاسية الفانية في مقام واحد مع الذات الالهية المنزهة عن الخطأ، ليس له ماهية واضحة، وهو خاضع لتأويلات عدة وفق أهواء السلطة،
وها هو السيد وزير الحكم الاتحادي المكلف يصدر توجيه على ذات الشاكلة يمكن ان نطلق عليه (توجيه تنزيه الذات الأردولية)، بمنع التعرض للسيد أردول بقول أو فعل أو كتابة أو رسم أو غيره من طرق التمثيل، يكون فيه مساس تصريحا أو تلميحا مباشرة أو غير مباشرة بحق هذه الذات الأردولية، كما يوجه أي وال من الولاة المذكورين لعرض مظالمهم وانتقاداتهم ومآخذهم على أردول داخل الغرف المغلقة حتى لا يعلم بها الشعب ويقف على الحقيقة، رغم ان هذا الشعب الذي يراد تغييبه هو صاحب الحق الأول في ان يعلم كل كبيرة وصغيرة عن كل شؤون بلده، لا ان يتم تداولها داخل الدوائر السلطوية الضيقة، وحتى هذه الطبقة المحدودة الحاكمة ليسوا سوى خدام لهذا الشعب وليسوا اسيادا عليه ليحددوا له ما يعلم وما لا يعلم..
ومن جهة أخرى فان هذا التوجيه المعيب، يستدعي خسيسة من النظام البائد عرفت باسم (فقه السترة) المناقض للشفافية والصدق والوضوح، حيث كان رموز النظام المخلوع في الحزب والحركة والحكومة، يتمتعون بمزايا تفضيلية ومعاملة خاصة في كل شيء حتى في الفساد لا يجدها غيرهم من كافة أهل السودان، مضاربات، مرابحات، تمويلات، توكيلات، إحتكارات، سلفيات، بعثات، إلى آخره من إمتيازات، أما مجرموهم ومفسدوهم الوالغون في الحرام والمال العام فلا تطالهم شرطة ولا نيابات ولا محاكم ولا تنعقد لهم محاكمات، وإنما تنظم لهم كما قال من قبل حاج ماجد سوار أمين التعبئة التنظيمية وأحمد ابراهيم الطاهر رئيس المجلس الوطني ونافع علي نافع مساعد الرئيس والمسؤول عن الشؤون الحزبية، تنظم لهم تحت باب فقه السترة جلسة (دكاكينية) داخل أروقة الحزب،
وهذا ما لم نسمع به من قبل لا في الأولين ولا الآخرين ولا حتى عند الكفرة الملحدين، اللهم إلا أن يكون هذا حديث المشرِّع للمشروع الحضاري (إذا سرق الاسلامي ستروه وتستروا عليه واذا سرق غير الاسلامي فضحوه وبشعوا به)..
الجريدة