التحرير- القاهرة- عطيات عبدالرحيم:
في مطلع عام 2018م، تحتفل جمعية صاي الخيرية بالقاهرة بمئوية تأسيسها، وهناك برنامج للاحتفال سيمتد إلى 18 أغسطس 2018م، حيث سيقام في هذا اليوم احتفال كبير يشتمل على مجموعة من الفعاليات، منها: محاضرات وندوات، وعرض فيلم وثائقي، وتوزيع كتيبات، إلى جانب صدور موسوعة تاريخية عن الجمعية، وعن آثار جزيرة صاي.
وتعدّ جمعية صاي في شارع قولة بحي عابدين العتيق بالقاهرة من أقدم الجمعيات الخيرية السودانية بجمهورية مصر العربية، قفد أُنشئت عام 1918م علي يد جيل من الأجداد والآباء السودانيين من منطقة سكوت بشمال السودان، الذين كانوا يعملون بمصر.
وكانت الفكرة إنشاء كيان جامع لهم، حيث يلتقون فيه، ويقيمون مناسباتهم المختلفة، وليلتقي فيه كل قادم من المنطقة في السودان بأهله في مصر، وليتسقط المسافرون إليها أخبار باقي الأهل في مصر، ليحملها معه إلى الأسر، التي ناء أبناؤها عنها؛ بحثاً عن الرزق.
وقد مرت جمعية صاي بمراحل تطور مختلفة، حيث بدأت كتجمع لأهالي صاي، لعقد مناسبات الأفراح والأتراح، وفي عام 1979م انضمت إليها جمعية سكوت التي تأسست في عام 1934م، وذلك بعد أن اُزيل مقرها لقدم مبناه، وكانت الكيان الجامع لقرى المنطقة كلها.
وقد تطورت أعمال الجمعية، فأقامت حفلات سنوية لكبار الفنانين السودانيين لدعم أنشطة الجمعية، وكان من نجوم الحفل لعدة سنوات الفنان العملاق محمد وردي، رحمه الله، الذي كان من أعضاء الجمعية العمومية لجمعية صاي، كما أقامت الجمعية ندوات ثقافية لمعظم الرموز السودانية في المجالات كافة، ونظمت الدورات الرياضية التي تجمع فرق قرى سكوت، وكذلك ظلت تصدر جريدة حائط على مر السنوات، وتقيم معرضاً للكتاب في شهر رمضان، وتنظم رحلات إلي محافظات مصر، وتشترك في مسابقات ثقافية ورياضية مع الجمعيات النوبية المصرية، وقد نالت جمعية صاي عدة كؤوس وشهادات تقدير، وتقيم حفل إفطار سنوياً في رمضان، وتطور إلى أن أصبح إفطاراً يومياً طوال الشهر المبارك، وتقوم الجمعية بعمل خيري كبير حيث تقوم سنوياً بصيانة مقابر أهالي سكوت، وفي هذه الأيام قامت بصيانة كل المقابر في منطقة زينهم، وقد شارك في الدعم المادي كل أهالي سكوت وصاي المقيمين بالقاهرة، وبعض المغتربين في دول الخليج، ويشرف علي هذا العمل مجموعة من شباب صاي.
وهنالك معلومة مهمة لا يعرفها إلا القليلون، وهي أن جمعية صاي كانت معقل المثقفين والمبعوثين من الطلبة السودانيين والأفارقة، فقد حدثني أحد الدبلوماسيين االصوماليين بأن عنوان الجمعية -علي حد قوله- محفور في ذاكرته؛ لأنه كان يحضر فيها كل الندوات الثقافية والشعرية والحفلات الفني، وقد حدثني أيضاً عن الجمعية الشاعر الكبير تاج السر الحسن، حيث كان يرتاد مقرها، ويلقي فيها الشعر مع رفيق دربه ابن صاي الشاعر الراحل جيلي عبدالرحمن، ومعهما الشاعر محيي الدين فارس، والشاعر المصري عبد الرحمن الأبنودي، رحمهم الله جميعاً.
وفي أثناء كتابتي لهذا التقرير، علمت بأن جمعية صاي كان لها دور في حرب أكتوبر، حيث كانت تتم فيها بعض اجتماعات إحدى الفرق العسكرية، وقد بعث الرئيس السادات شهادة شكر وتقدير إلى الجمعية بعد انتصار أكتوبر، إذ كانت اللغة النوبية الشفرة التي حيرت الإسرائيليين.
وأخيراُ ومه شح الإمكانات، فإن شباب صاي يواصلون استكمال المسيرة؛ لتكون جمعيتهم ملتقي أبناء صاي وسكوت، بل كل السودانيين المقيمين بالقاهرة.